الجانب المُشرق
الجانب المُشرق

كيف يحيي جون ترافولتا ذكرى زوجته وابنه الراحلين

الحياة رحلة مليئة باللحظات السعيدة والحزينة، ونضطر فيها إلى مواجهة الكثير من التحديات، لكننا نخرج من المواجهة أقوى. ينطبق ذلك أيضاً على المشاهير، لأن حياتهم ليست سهلة كما قد تبدو لنا. ولعل أبرز مثال على ذلك الممثل الشهير جون ترافولتا، الذي اضطر إلى التعامل مع مأساة فقدان ابنه البكر، ثم وفاة زوجته الحبيبة. وبرغم أحزانه، واصل ترافولتا القتال، جاعلاً هدف حياته إبقاء إرثهم حياً إلى الأبد.

عاش جون ترافولتا مع كيلي بريستون قصة حب من التي نراها في الأفلام الرومانسية، التي جسدا بنفسيهما الكثير منها على الشاشة. في الواقع، شهد موقع تصوير فيلم الخبراء (The Experts) الرومانسي الذي صدر عام 1989 أول مقابلة بين الاثنين. إلا أن بريستون كانت ما زالت متزوجة من زوجها السابق، كيفن غيج، في ذلك الوقت، من الناحية القانونية. صرّحت بريستون بعد سنوات: “لم أكن سعيدة في زواجي. شعرت أنني لم أكن مع الشخص المناسب”.

أما علاقة ترافولتا وبريستون، فقد كانت قصة حب من النظرة الأولى؛ تطورت مشاعر الممثل تجاه زوجته منذ اللحظة التي وقعت فيها عيناه عليها، ويتذكر تلك اللحظات قائلاً: “عندما ظهرت أمامي هذه المرأة الجميلة، شعرت بشيء يجذبني إليها على الفور”.

انتهى زواج بريستون عام 1987، وارتبطت مرتين أخرتين قبل أن تبدأ قصتها الرومانسية مع رفيق عمرها المستقبلي. كان حبهما قوياً، لدرجة أن ترافولتا عرض عليها الزواج عام 1991، وتزوجا رسمياً بعد شهور قليلة.

كانت عاطفة الزوجين قوية جداً فلم يقلقا من المضي قدماً في علاقتهما. وفي وقت زواجهما، كانت بريستون حُبلى بالفعل في طفلهما الأول منذ شهرين.

بهجة وصول المولود الأول برغم القلق على حالته الصحية

في يوم 13 أبريل 1992، أنجبت بريستون مولودها الأول من ترافولتا، وأسموه جيت. لكنه وُلد بحالة صحية عكرت صفو الأجواء الاحتفالية بولادته. للأسف، وُلد جيت بعدد من المشكلات الصحية، من بينها التوحد ومتلازمة كاواساكي التي تؤدي إلى التهاب الشرايين.

ارتبط ترافولتا بعلاقة خاصة مع ابنه الذي أحبه ورعاه منذ ولادته، ويعترف ترافولتا: “لا يمكنني تخيل ما كانت ستكون عليه حياتي دون جيت”.

بالرغم من الصعوبات، ظل الزوجان مخلصان لبعضهما البعض وقررا إنجاب طفل آخر. وبالفعل، أنجبا ابنتهما، إيلا بلو، عام 2000، وهي الوحيدة بين أطفالهما التي سارت على خُطى والديها. إيلا ممثلة طموحة وواعدة، سبق لها الظهور في عدد من الأدوار الصغيرة أو إلى جانب والدها.

خسارة لا ينبغي أن يعانيها أي والدين

شهد استقرارهم العائلي مأساة مفجعة غيرت حياتهم بشكل لا رجعة فيه. في عام 2009، عندما كانت العائلة تقضي عطلتها في جزر البهاما، توفي جيت.

تأثرت العائلة بالفاجعة، وقرروا التعامل مع حزنهم بأقصى قدر ممكن من الخصوصية. كان التعامل المناسب مع ذلك النوع من الحوادث هو الصمت. في ذلك الوقت، اكتفى محامي الأسرة بإصدار بيان موجز، قال فيه: “لم يتخيل جون ذلك قط، لقد تحطم فؤاده. أسوأ ما قد يمر به أي أب في العالم هو أن يضطر إلى دفن ابنه”.

حزن ترافولتا بشدة، واعترف: “لم أكن أعرف إن كنت سأتمكن من تجاوز ذلك، لم تعد الحياة مثيرة للاهتمام بالنسبة لي”. لكن بمرور السنوات، حرص الزوجان على تكريم ذكرى ابنهما الراحل لإظهار حبهما واحترامهما له.

جعلا مهمتهما في الحياة إحياء ذكراه ونشر الوعي بشأن حالته. في سبيل ذلك، نشرت بريستون صورة لابنها الراحل وكتبت تعليقاً تقول فيه: “أرسل حبي لجميع الأطفال مصابي التوحد. أتمنى أن نتمكن جميعاً من منح الحب والاحترام لجميع الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة. إلى حبيبي جيت، ستظل في قلوبنا دائماً”.

ومؤخراً، فيما يفترض أن يكون عيد ميلاد جيت الثلاثين، أحيا ترافولتا ذكراه بنشر صورة قديمة، وكتب عليها تعليقاً: “إلى عزيزي جيت، أفتقدك أكثر مما يمكن للكلمات وصفه. أفكر فيك كل يوم”.

ضوء مشرق ملأ حياتهم

دعم أحبائنا هو الشيء الوحيد الذي يساعدنا على المضي قدماً، ولم يتوقف ترافولتا وبريستون قط عن العمل جاهدين من أجل عائلتهما. لذا، بعد حوالي عامين من المأساة، أنجبا بنجامين.

قال ترافولتا بعد ولادة بنجامين: “جاءت ولادة الصغير بنجامين لتضميد جراحنا وإعادة لم شملنا بعد خسارتنا الفادحة”. وأضاف: “لقد منح أسرتنا روحاً جديدة وهدفاً جديداً”.

واجهت الحياة ترافولتا بتحدٍ جديد

لم تكن الحياة رحيمةً بترافولتا، فبعد حزنه على ابنه البكر، كان عليه خوض تجربة الفقد من جديد عندما توفيت حب حياته، بريستون. كانت الزوجة تعاني من مرض خطير لسنوات لكنها لم تذكر الأمر قط لوسائل الإعلام للحفاظ على خصوصيتها وخصوصية عائلتها.

توفيت بريستون يوم 12 يوليو 2020، بعد عامين من الصراع مع المرض وفقاً لمنشور نشره ترافولتا على منصة إنستغرام. في البداية، قرر الممثل الابتعاد عن الأضواء، لكنه قرر أن يفتح قلبه لاحقاً ويتحدث عن كل ما يجول بخاطره. وقال: “تعلمت أن البكاء والحداد على شخص ما أمر شخصي. الحداد تجربة فردية ينبغي أن يخوضها المرء بمفرده حتى تؤدي إلى الشفاء”.

لا يزول الحب أبداً، حتى بعد الموت. يدرك ترافولتا ذلك جيداً بعدما أحب زوجته لأكثر من نصف عمره. لم يفوت ترافولتا أي فرصة للتعبير عن مشاعره لها، أو نشر صور زوجته الراحلة للتعبير عن مدى افتقاده لها. كتب جون على إحدى صور زوجته: “نحبك ونفتقدك كثيراً يا كيلي”.

أقوى من ذي قبل

واليوم، يكتشف ترافولتا وعائلته قوة الحب الذي يربطهم معاً بعد سنوات من الحزن. يواصل ترافولتا وطفليه حياتهما بتفاؤل وإصرار، دون أن تفارق بريستون وجيت قلوبهم.

لم يكن من السهل على ترافولتا شرح مفهوم وفاة الأحباء لابنه الأصغر، لكنه واجه تحديات الحياة بقوة كما اعتاد دائماً. كان الممثل صادقاً مع ابنه، وأخبره: “لقد غادرنا أخوك جيت بعمر السادسة عشر، كان صغيراً جداً. والآن، غادرتنا أمك بعمر السابعة والخمسين، وهي صغيرة أيضاً. لذا، يتعين علينا النظر إلى الموت باعتباره جزء من الحياة. إنك تبذل قصارى جهدك فحسب وتحاول العيش لأطول مدة ممكنة من أجل أحبائك”.

والآن، أصبحت رسالة الممثل في حياته تأمين مستقبل أطفاله وأن يغمرهم بحبه ورعايته، كما فعل مع بريستون وجيت.

مصدر صورة المعاينة johntravolta / Instagram, johntravolta / Instagram
شارك هذا المقال