الجانب المُشرق
الجانب المُشرق

كيف حققت غريس المستحيل وأثبتت أننا نستطيع تغيير مصيرنا

ولدت غريس ستروبل البالغة من العمر الآن 26 عاماً بمتلازمة داون، وقد أخبر الأطباء والديها أنها لن تستطيع القراءة أو حتى ربط حذائها. لكن هذه الشابة المفعمة بالأمل فاجأت الجميع وأصبحت عارضة أزياء مميزة غيّرت جميع معايير الجمال والجاذبية في صناعة الموضة، وناشطة تزور المدارس وتلهم آلاف الأطفال. حتى أنها وضعت لنفسها هدفاً واضحاً وقوياً يتمثّل في جعل “الناس يعيدون النظر فيما هو ممكن”.

لقد تأثرنا، في الجانب المُشرق، بقصة غريس الفريدة من نوعها. فسعيها الدؤوب إلى تحويل محنتها إلى مهمة لمساعدة الآخرين يثبت أننا نمتلك جميعاً القوة لجعل العالم مكاناً أفضل.

وُلدت لتكون مختلفة

عندما علمت ليندا لأول مرة بأن ابنتها التي لم تولد بعد قد تكون مصابة بمتلازمة داون، “تزعزعت أسس عالمها” وقالت إن “الرعب كلمة لا تصف بأمانة شعورها حينها”. وطيلة حملها، قيل لها ولزوجها إن حياة طفلتها ستكون معقّدة حقاً وزاخرة بالتحديات والعقبات. لكن حين جاءت غريس إلى العالم بعد بضعة أشهر ونظرت والدتها في عينيها، رأت أنها “كانت أجمل كائن في العالم كله”.

عقد والدا غريس العزم على دعم ابنتهما في كل خطوة في حياتها وحرصا على مساعدتها على اكتشاف واستغلال جميع قدراتها وإمكانياتها. وتحقيقاً لهذه الغاية، منحاها أفضل تعليم ونظام غذائي وبرنامج لياقة بدنية، ومدّاها بالمهارات الاجتماعية اللازمة لتنعم “بحياة مكتملة وطبيعية قدر الإمكان”. وعند بلوغها سن الثالثة، بدأت الطفلة غريس بقراءة كلمات البصر، وبحلول سن الخامسة، كانت قد نجحت في الارتقاء إلى مستوى الصف الثاني من التعليم الابتدائي.

مواجهة الصعاب والتغلّب عليها

مع مرور السنين، طوّرت غريس ذاتها وعملت بجد لتضمن مكانها في العالم، لكن والدتها تحدثت عن الجزء الأكثر تعقيداً في مسيرتها التعليمية وهو “التوقعات المتدنّية بشكل لا يصدق التي وضعها العالم لها”. فمثلاً، ذكرت الأم أن معالج النطق الخاص بغريس قال لها إن ابنتها "لن تحصل على وظيفة على الأرجح أو تعمل بدوام كامل’’. لكن الأم أوضحت أن غريس "لم تخطط لمستقبل يكون فيه العمل بدوام جزئي أقصى أحلامها’’.

تلقّت غريس الكثير من الحب والمودّة من والديها منذ ولادتها، وهو ما ساعدها في بناء شخصية قوية وصحية. لقد كانت قادرة على تجاهل كل التعليقات الجارحة المتأتية من زملائها في الفصل ونظرات الازدراء من الغرباء. ورغم أن حياتها لم تكن تقليدية ولا طبيعية، إلا أنها أثبتت أن المحيط الأسري الداعم والمليء بالحب يمكّننا من مواجهة أية عراقيل تضعها الحياة في طريقنا. حتى أنها استغلّت هذه العقبات كدافع للتألق أكثر.

تأثير غريس

تألقت غريس بالفعل، وكانت مصممة على أن تلهم الآخرين وتدفعهم إلى تحقيق أحلامهم أيضاً. وقد ابتكرت الأم وابنتها خطة اسمها "تأثير غريس“، وهي “مهمة شاملة تتضمن عرضاً تقديمياً تفاعلياً للمدارس لتعزيز الوعي بالإعاقات”. ويتمثل هدف المهمة في تغيير الواقع وتمكين الأطفال وتوعية الطلاب الآخرين بما يعنيه مواجهة العقبات والتغلب عليها.

مسيرة مهنية مزدهرة في مجال عروض الأزياء

كانت قصة ورسالة غريس ملهمتين للغاية لدرجة أنهما انتشرتا بسرعة وأثرتا في الآخرين. وأصبحت الفتاة ناشطة تدافع على حقوق حاملي الإعاقات وعارضة أزياء. حتى أن صورها انتشرت ولقيت أكثر من 220 ألف مشاركة على منصة فيسبوك من جميع أنحاء العالم. كذلك، ظهرت غريس في العديد من المقابلات التلفزيونية والحوارات على موجات الراديو، وتصدّرت أغلفة العديد من المجلات المهمة مثل فوربس، بل وشاركت أيضاً في عروض الأزياء.
ومن إنجازاتها أيضاً أنها كانت أول عارضة أزياء أمريكية مصابة بمتلازمة داون تصبح وجه علامة تجارية مختصة في العناية بالبشرة، بالإضافة إلى أنها دخلت في شراكة مع دار فانتي بيوتي التي تمتلكها ريهانا.

وما هي إلا في بداية مشوارها...

عندما نرى مدى شغف غريس وحرصها على تحقيق أحلامها، يمكننا القول إنها لا تزال في بداية رحلة طويلة وملهمة. لقد أثرت فينا قصتها كثيراً لأنها دليل على أن محننا هي أيضاً الأدوات التي تساعدنا على العثور على قوتنا الداخلية. وكما قالت غريس: “لا تدع أحداً يملي عليك ما يمكنك أو لا يمكنك تحقيقه. تجاوز تلك الحدود وعِش حياتك”.

هل وجدت قصة غريس ملهمة؟ هل توافق على أن اختلافاتنا هي أيضاً نقاط قوتنا؟

مصدر صورة المعاينة grace_strobel / Instagram, grace_strobel / Instagram
شارك هذا المقال