لماذا يجب استذكار كون الأمومة المثالية التي نراها على وسائل التواصل الاجتماعي مزيفة؟
لقد غيرت وسائل التواصل الاجتماعي العديد من جوانب حياتنا رأساً على عقب، وحتى الأمومة لم تسلم منها. عندما نتصفح وسائل التواصل الاجتماعي ونكتشف أن هناك أمهات خارقات رائعات، قادرات على القيام بمليون شيء في نفس الوقت، مع أطفال مبتسمين وفي كامل أناقتهم على الدوام، فإننا قد نميل إلى مقارنة أنفسنا بتلك الأمهات “المثاليات”. وربما تفاعلنا مع تلك المنشورات بالإعجابات والتعليقات الإيجابية، ولكن قد ينشأ في أعماقنا شعور بالفشل وجلد الذات، ونبدأ بالتساؤل: “هل نحن بالفعل أمهات جيدات؟”
لقد ألقينا في الجانب المُشرق نظرة فاحصة على تأثير الأمومة المثالية التي نراها على وسائل التواصل الاجتماعي على الأمهات، وإليك أهم ما توصلنا إليه من خلاصات.
تعرض وسائل التواصل الاجتماعي الأمومة بطريقة مثالية
في حين أن تجربتك الخاصة مع الأمومة قد تكون فوضوية، فإن الصور التي تنشرها الأمهات “المثاليات” على وسائل التواصل الاجتماعي أبعد ما تكون عن واقعك. حيث إنهن يظهرن رائعات، ثريات، ناجحات، ومفعمات بالطاقة باستمرار، كما أن أطفالهن دائماً أنيقون ويتصرفون بلباقة وحسن أدب. دائماً ما تكون منازلهن نظيفة ووجبات العشاء التي يحضرنها متنوعة ولذيذة، ولا توجد حفاضات متسخة أو أكوام من الغسيل. هل هذا ممكن في الواقع؟
خلال النظر إلى كل هذه الصور من الحياة "المثالية“، قد لا نفكر أنها نتيجة لمجهود كبير في إعداد اللقطة ومكان التصوير، واختيار الصور المثالية، بل وتعديلها قبل النشر. تستخدم العديد من النساء في الوقت الحاضر وسائل التواصل الاجتماعي للترويج لأعمالهن، بما يشمل إظهار أسلوب حياتهن وطرق تربيتهن لأطفالهن بأفضل سيناريو وإخراج. قد تكون تجاربهن الواقعية “فوضوية” مثل تجربتك تماماً، لكن ذلك الجانب ليس للعرض، فلا يسمح لنا إلا بمشاهدة منازل نظيفة ولامعة على الدوام وأطفال سعداء يأكلون أشهى أنواع البسكويت الطازج الذي خرج من الفرن للتو.
نبدأ في مقارنة أنفسنا مع الأمهات الأخريات
متابعة هذه النوعية من الأمهات “المثاليات” يمكن أن يجعل الأمهات العاديات يشعرن بعدم الأمان وحتى بالذنب. حيث تُروّج وسائل التواصل الاجتماعي لصورة الأم الخارقة التي يرتاد أطفالها أفضل المدارس ولديهم أفخم الألعاب ويسافرون حول العالم. ويمكن للأم الطبيعية التي لا تبدو حياتها كما تراه في الصور أن تبدأ في مقارنة نفسها بالآخرين، والتساؤل عما إذا كانت جيدة بما يكفي.
عند مقارنة نفسك بأم أخرى من فيسبوك أو إنستغرام، يقترح الخبراء أن تسألي نفسك هذا السؤال البسيط: “هل أعرف حقاً هذه المرأة وهل أنا على دراية كافية بتفاصيل حياتها؟” حيث إننا غالباً ما نقارن أنفسنا بأشخاص لم يسبق لنا لقاؤهم وننسى أننا نعرف عنهم فقط الجوانب التي اختاروا هم أن يكشفوا لنا عنها. وهذه بلا شك ليست مقارنة عادلة، لأننا نعرف كل شيء عن أسلوب حياتنا وتجاربنا، في حين لا نكاد نعرف شيئاً عن الحياة الحقيقية لأولئك الأمهات اللاتي يتعمدن إبهارنا على وسائل التواصل الاجتماعي.
نحن نشارك كثيراً
“سباق الأمهات المثاليات” على وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يدفعنا لنشر تفاصيل حياتنا أكثر من اللازم. حيث نقضي المزيد من الوقت في التقاط صور لأسلوب حياتنا وأطفالنا، وفي تحرير الصور واختيارها، ووقتاً أطول في نشرها والتحقق من عدد الإعجابات والتعليقات التي تحصل عليها. وقد تتأذى مشاعرنا عندما لا نحصل على كمية الإعجابات التي نرغب فيها، أو عندما نقرأ تعليقات سلبية.
نبحث جاهدين عن أفضل اللحظات التي تستحق التصوير والنشر
عندما نصبح مهووسات بالتقاط المزيد من الصور بهدف نشرها على حساباتنا، قد نعمل على تصَنّع لحظات أمومة مؤثرة بهدف التقاط حزمة من الصور الرائعة. وهو ما قد يعني أننا سنجد أنفسنا مضطرات على الاختيار بين العيش الفعلي في تلك اللحظات الثمينة التي نقضيها ونحن محاطات ببراءة أطفالنا، وبين التقاط عشرات الصور التمثيلية فقط من أجل مشاركتها على وسائل التواصل الاجتماعي.
توقفي قليلاً واستمتعي باللحظة قبل أن تلتقطي صورة أخرى لطفلك
يمرّ طفلك بلحظات ثمينة للتفاعل بينك وبينه لا شك أنك لا تريدين تفويتها. مثل خطواته الأولى، وكلماته الأولى، ووجهه السعيد عندما يتمكن أخيراً من ارتداء حذائه بنفسه. استمتعي بهذه اللحظات على أكمل وجه قبل أن تمسكي بهاتفك وتبدئي في تقييم ما إذا كانت اللحظة “تستحق التصوير”. وحتى إن قررتِ التقاط هذه اللقطة، فكري جيداً فيما إذا كنت تريدين حقاً مشاركتها مع العالم أو الاحتفاظ بها لنفسك فقط.
دعونا نستخدم وسائل التواصل الاجتماعي كوسيلة لدعم بعضنا البعض لا التباهي
يمكننا جميعاً اتخاذ خطوات صغيرة لجعل وسائل التواصل الاجتماعي بيئة إيجابية ومُشجعة للأمهات، بدلاً من جعلنا نشعر بالغيرة أو بالذنب أو الإحباط. يمكننا أن نبدأ بمشاركة تجارب الأمومة الخاصة بنا بصدق، دون تعديل ولا فلاتر، لإعلام الأمهات الأخريات أنهن لسن وحدهن. واعلمي أن مستوى الثقة بأنفسنا يزداد كلما كانت صور الأمومة أكثر واقعية. كما يقترح الخبراء أن نتواصل مع الأمهات الأخريات للحصول على المساعدة والنصيحة عندما نحتاج إليها. حيث تُعد وسائل التواصل الاجتماعي أداة مثالية لذلك.
بتعاوننا، يمكننا تحويل وسائل التواصل الاجتماعي إلى منصة مفيدة لمشاركة لحظات النجاح والإخفاق، وقبول ما نحن عليه والحفاظ عليه نقياً واقعياً، بدلاً من مجرد التفاخر بإنجازاتنا المصطنعة.
هل من عادتك مشاركة لحظات الأمومة على وسائل التواصل الاجتماعي؟ هل تحبين مشاهدة الصور التي تنشرها الأمهات الأخريات؟ كيف تُشعرك تلك الصور؟