ما هو أسلوب تربية المنارة وكيف يسهم في تعليم الأطفال الاعتماد على أنفسهم؟
النمور والفيلة وحتى طائرات الهليكوبتر؛ هذه الكلمات ليست عشوائية غير مترابطة، هي في الواقع تحدد أنواع الآباء والأمهات في مقارباتهم لتربية الأبناء. ونجد أيضاً مصطلح “تربية المنارة” (قريب من التربية بالقدوة) الذي يرمز إلى مقاربة تربوية ذهبية من بين مقاربات ومنهجيات شتى، وهو مصطلح جديد نسبياً وأصبح يلقى رواجاً كبيراً في أوساط الأهالي والمربين. وتعتمد هذه المقاربة على تحقيق درجة من التوازن بين الثقة أو هامش الحرية اللذان نمنحهما للطفل وبين الرعاية المباشرة. وبهذا التوازن نضمن تنشئة أطفال مسؤولين واثقين من أنفسهم.
وقد حاول فريق تحرير الجانب المُشرق الإحاطة بكل مظاهر الحب والرعاية التي يحظى بها الأطفال الذين قرر آباؤهم وأمهاتهم اعتماد مقاربة المنارة في تربيتهم.
الأبوان في تربية المنارة
قام الدكتور كينيث جينسبيرغ بصياغة مصطلح “تربية المنارة” في كتابه Raising Kids to Thrive: Balancing Love with Expectations and Protection with Trust. والفكرة من هذا الأسلوب هو توجيه الأطفال، كما تفعل المنارة للبحارة، ومساعدتهم وتشجيعهم في رحلتهم إلى مرحلة النضج والرشد. يشعر الأطفال بالأمان عند طلب المساعدة من مناراتهم أو نقاش قضايا خطيرة أو غير مريحة معهم، لعلمهم أنهم لن يتعرضوا للسخرية أو الانتقاد.
علامات تربية المنارة
— يحب الأهل أطفالهم لكنهم لا يتسامحون مع سوء التصرف.
على الرغم من أن أهل المنارة يحبون أطفالهم دون قيد أو شرط، إلا أنهم لن يقفوا مكتوفي الأيدي إذا تنمر طفلهم على طفل آخر في ساحة اللعب. لن يصرخوا بجنون ويهاجموا الطفل المشاغب لأن الشجارات والخلافات ليس فعالة في منهج المنارة. بدلاً من ذلك، فإن الأهل يتحدثون عن الأشياء بهدف تصحيح سلوك الطفل، وينظرون إلى الموقف من منظور هذا الأخير، في محاولة لفهم دوافع سلوكه، مع التركيز على فهم الطفل بدل التأكيد على وجوب طاعتهم.
— يترك الأهل أطفالهم لاختبار الفشل.
يقوم بعض الأهالي، الذين يُوصفون بالنمور، بالعتاب والتسبب بضجة كبيرة عندما يحصل طفلهم على علامة متدنية في الاختبار. بالمقابل، يقوم أهل المنارة بتقبل أطفالهم في كل حالاتهم عند النجاح والإخفاق في الشدة والرخاء، مما يقلل بشكل كبير من مستويات التوتر لدى هؤلاء. ومع ذلك، فأهل المنارة يطمحون إلى أن يكون أبناؤهم ناجحين، وهو الأمر الذي يجعلهم لا يكفون عن تشجيعهم وتحفيزهم على الدوام. في الواقع، إن الابتسامة المضيئة هي التي تسمح للأهل بالغوص في شخصية أطفالهم ومعرفة ما يثير شغفهم بالضبط. ولهذا السبب نجد أن أهل المنارة من أمهر المشجعين.
— يحمون أبناءهم دون تقييد حريتهم.
يؤمن أهل المنارة أن أطفالهم سيضطرون، عاجلاً أو آجلاً، لخوض غمار الحياة كما هي بمفردهم. فبدلاً من بناء حصن ذهبي حول أطفالهم لحمايتهم، يقودونهم ببطء، ولكن بثبات، إلى اكتشاف العالم الحقيقي. حيث إنهم لا يتخلون عن أطفالهم تماماً، ولكن يكونون دائماً على أهبة الاستعداد لتوجيههم وإرشادهم عند الضرورة. في المقابل، يعتمد أهل الحصن الذهبي على أسلوب التخويف المقرون بالإشاعات المقلقة في طريقة تفكيرهم، كأن يطلب أحدهم من طفله عدم الذهاب إلى الحي المجاور مع أصدقائه، حتى لا يتعرض للاختطاف. في الجهة المقابلة، سيحاول أهل المنارة مساعدة أطفالهم على استكشاف العالم من خلال ترديد عبارات من قبيل: “لنذهب إلى الحي المجاور معاً، وإن حدث أي شيء فأنا معك”.
منفتحون على التواصل.
يثق الأطفال بأهل المنارة ويناقشونهم في كل المواضيع، بغض النظر عن صعوبتها أو الحرج الذي قد تسببه. يعطي الأهل الأولوية لإجراء محادثات مع أطفالهم، فهم يعتقدون أن هذا هو المفتاح لإعداد الطفل للعيش في هذا العالم. كما أن الحوار الهادي والمفتوح بين الأهل وأبنائهم ضروري لزرع خصلة تقدير الذات في نفوسهم وتعزيز الاحترام المتبادل.
لماذا يعتبر أسلوب تربية المنارة جيداً؟
تؤدي تربية المنارة إلى تنشئة جيل واع وعطوف من الراشدين، مسؤول عن قراراته وأفعاله، وهي من أكثر الأساليب التربوية توازناً. وعلاوة على ذلك، تساعد الأهل على تعزيز ثقتهم بأنفسهم وتطوير إدراكهم العاطفي.
هل اعتمد والداك أسلوب تربية المنارة في تنشئتك؟ هل ترغب في تطبيق هذا الأسلوب مع أطفالك؟