الأطفال والعائلة

77 ٪؜ من الأمهات والآباء يعتقدون بأنهم أصبحوا أكثر سعادة وراحة بعد إنجاب الأطفال. وفي الوقت نفسه، يُصرح نصف الآباء أنهم لم يخرجوا مع زوجاتهم في موعد رومانسي منذ أكثر من ثلاث سنوات، وأكثر ما يفتقده الأمهات والآباء في حياتهم قبل إنجاب الأطفال، هو قضاء أوقات جيدة مع شركائهم. من الواضح أنه في غالب الزيجات، بمجرد إنجاب الأطفال، ينسى الأزواج بعضهم البعض، بل وأنفسهم، لاعتقادهم الراسخ بأن عليهم منح اهتمامهم كله لأطفالهم.

غالباً ما يخشى الآباء والأمهات أن تؤدي الطباع “المتسلطة” لدى بناتهم الصغيرات إلى كونهنّ مدللات وعنيدات عندما يكبرن. ولكن بعض المتخصصين يجزمون بأن لهذا السلوك جوانب جيدة أيضاً، إذ يساهم في تشكيل شخصيات الفتيات، بل وجعل من الكثيرات نساء ملهمات تركن بصماتهن الفارقة في هذا العالم.

الأطفال قرة أعين آبائهم وأمهاتهم. يقول المثل الشهير “فكرتان أفضل من فكرة واحدة”. وفي حين أن المثل يعني أنه من الأسهل على شخصين أن يحلا مشكلة بدلاً من شخص واحد بمفرده، فإنه بطريقة ما ينطبق على إنجاب الأطفال كذلك.

عندما نفكر في أطفال العائلة الملكية، فإننا نتخيلهم يرتدون ملابس أنيقة لا تشوبها شائبة، ونتخيل شعرهم مصففاً دائماً بشكل جميل. لا شك أن عليهم أن يتعلموا الكثير ليصبحوا أمراء أو أميرات مثاليين، ومع ذلك، فإن كيت وويليام يستخدمان مجموعة حيل رائعة تساعدهما على تنشئة أطفال مطيعين وسعداء. والجدير بالذكر أن الضرب بالحزام الملكي لا يستخدم نهائياً كأسلوب للتربية والتأديب.

إنجاب طفل ثانٍ نعمة بالتأكيد، لكن الأمر قد يكون سهلاً للغاية لبعض الآباء والأمهات وقد يكون بمثابة مهمة شاقة لآخرين. يؤدي بعض الآباء والأمهات مهامهم بهدوء واسترخاء. في حين يجد آخرون صعوبة في التعامل مع كمية الغسيل المهولة التي صارت أمراً روتينياً. لكن يتفق الجميع على أن الطفل الثاني يصبح الصديق والإنسان الأقرب للطفل الأول.

تتضاعف المسؤوليات عندما نرحب بفرد جديد فى أسرنا، والأمر يعتمد علينا لضمان توفير مكانٍ آمن لأطفالنا ليكبروا فيه. إن اعتدنا من قبل على ترك أبواب الخزانة مفتوحة على مصراعيها، وجمع القطع المغناطيسية ووضعها على ثلاجاتنا، فإن الترحيب بأطفالنا هو فرصة لنا لتطبيق بعض التغييرات الفعالة، حتى وإن بدت بسيطة.

يقول 73% من الآباء إن تربية الأطفال هي المهمة الأصعب في حياتهم. بل من الأصعب أن يحصوا كل المسؤوليات والمهام التي يواجهونها يومياً. لكننا نؤمن أن معرفة بعض المهارات والحيل الحياتية قد تجعل هذه المهمة أسهل كثيراً، لا سيّما عندما تأتي هذه النصائح من آباء وأمهات آخرين مروا بتجربة تربية الأطفال وعرفوا متاعبها جيداً.

النمور والفيلة وحتى طائرات الهليكوبتر؛ هذه الكلمات ليست عشوائية غير مترابطة، هي في الواقع تحدد أنواع الآباء والأمهات في مقارباتهم لتربية الأبناء. ونجد أيضاً مصطلح “تربية المنارة” (قريب من التربية بالقدوة) الذي يرمز إلى مقاربة تربوية ذهبية من بين مقاربات ومنهجيات شتى، وهو مصطلح جديد نسبياً وأصبح يلقى رواجاً كبيراً في أوساط الأهالي والمربين. وتعتمد هذه المقاربة على تحقيق درجة من التوازن بين الثقة أو هامش الحرية اللذان نمنحهما للطفل وبين الرعاية المباشرة. وبهذا التوازن نضمن تنشئة أطفال مسؤولين واثقين من أنفسهم.

لربما يمكننا تلخيص مهمة الآباء والأمهات في هذا العالم بالتالي: تنشئة أطفالهم ليكونوا أشخاصاً صالحين، وتزويدهم بالخبرات والمعارف اللازمة لمساعدتهم على مواجهة الحياة بأنفسهم عندما يحين الأوان. ولكن في المقابل، قد يتمكن الأطفال أحياناً، على الرغم من صغر سنهم، من تعليمنا نحن بعض الدروس الحقيقية. فإن كنا نعتقد أننا نجيد التعامل مع كل شيء لمجرد كوننا كباراً، فإن الواقع قد يثبت لنا عكس ذلك.

يحمل الآباء المحبون على عاتقهم جزءاً كبيراً من مسؤولية السعادة العامة للطفل. يشعر الأطفال بمتعة كبيرة عند اللعب والمزاح مع آبائهم، ومشاركة الضحكات بصوت عالٍ، وسماع الأمهات تصرخ من غرفة أخرى، “كونوا حذرين، لا تكسروا أي شيء!”. صدق أو لا تصدق، هذا اللعب والمزاج لديه القدرة على جعل الأطفال أكثر ذكاء، بل وهناك المزيد!

يمكن مقارنة تربية الأطفال بالمد والجزر. في بعض الأحيان، يجب عليك أن تكبح جماحهم، وفي أحيان أخرى يجب أن تمنحهم الحرية التامة لفعل ما يشاؤون والتحرك كما يحلو لهم. عندما يتعلق الأمر بتربية الأطفال ليصبحوا مستقلين ماهرين في الاعتماد على ذواتهم، يجب أن تتذكّر هذا التشبيه. حيث يجب على الأهل أن يكونوا مثالاً وقدوة للطفل، مع الحرص على عدم خنقه بالانتقادات والتهويل وكثرة المطالب.

لا يتلاشى الحب مع الوقت، وأكبر برهان على ذلك نراه في أجدادنا. من الكولونيل المتقاعد الذي لا يمانع في أن تعامله حفيدته كالدمية، إلى الجدة المحبوبة التي تغفو على الأرضية بجانب الكلب الذي تبنته ابنتها حديثاً... يمكن للأجيال السابقة أن تعلّمنا دروساً قيّمة في الحياة.

من المعروف أن الحمل والولادة يسببان الكثير من التغيرات الجسدية والنفسية للأم، لكن تبين أن الرجال عندما يصبحون آباء، يتعرضون أيضاً للكثير من التغيرات الجسدية والعقلية. يمر الآباء الجدد باضطرابات هرمونية وعاطفية، ويشعرون بتعلّق قوي بالمولود الجديد. كما يشعرون بالقلق والاكتئاب، وقد يعانون حتى من “أعراض” حمل وهمي، حتى لو بدا ذلك غير منطقي.

عندما يبلغ الناس سن الرشد، يدرك الكثير منهم أنهم يفتقرون إلى مهارات معينة، فيتمنون بحرقة لو أن أهاليهم علموهم إياها في الصغر. فترى طائفة منهم يقبلون على تعلم المهارات المتعلقة بالاستقلالية والثقة بالنفس، بينما يجتهد آخرون في معرفة المزيد عن التخطيط والنجاح في حياتهم المهنية، وذلك عبر الانخراط في دورات تدريبية وتكوينات تستهلك الكثير من المال والجهد. لذا، يتعين على الآباء والأمهات أخذ العلم بأن هناك العديد من المهارات والمعارف المهمة التي لا يمكن تجاهلها، لأنها بمثابة حجر الزاوية في بناء شخصيات أطفالهم، رجال المستقبل ونسائه الذين سيحملون مشعل العطاء والبناء من بعدهم.

يتغير جسد الإنسان وعقله تماماً أثناء سنوات المراهقة. لا تزيد مهارات التذكر وحفظ الدروس للأطفال في هذه المرحلة السنية فحسب، لكن يزيد ميلهم لخوض المخاطر والاستمتاع باالمغامرة والتمرد، كما يزيد ميلهم للأفعال المتسرعة الطائشة. ارتباك الهرمونات وتغيرها له دور مهم أيضاً في حيواتهم في تلك الفترة. فمن الصعب للغاية أن يستكينوا ويذعنوا بسهولة لأوامر الآخرين.

هل تتخيل أن تبدأ مشوارك في هذه الحياة منذ البداية برفقة صديق عزيز؟ نعم، هذا ممكن إذا كنت قد رزقت بأخ توأم. سوف تحتفلان بأعياد ميلادكما معاً، وتلعبان وتمرحان معاً، وتنشأ بينكما رابطة تواصل عاطفي فريدة من نوعها. والأجمل من هذا، أنه سيلازمكما حتى نهاية الطريق.

لأن أدمغة الأطفال لم تتطور بشكل كامل، فإنهم عادةً ما يستخدمون السلوك السيء كأداة للتعبير عن احتياجاتهم وحالتهم العاطفية، لكن في بعض الأحيان، تكون هذه علامة على أن الآباء يفعلون شيئاً خاطئاً في نهج تربيتهم للصغار، وفي هذه الحالة لن يكون العقاب الحل الأفضل. الكثير من البالغين لا يدركون ببساطة كيف يمكن أن تكون أفعالهم هي السبب وراء سوء تصرف أطفالهم.

يصعب أحياناً الانتباه إلى الخطر الذي تشكله أدوات المنزل العادية على الرضع والأطفال، بما فيها تلك المتواجدة في غرف النوم. ذلك أن جميع الراشدين يحبون مثلاً الاستلقاء على الوسائد، واستخدام أجهزة تنقية وترطيب الجو عند الحاجة لها، وتغطية أنفسهم بالبطانيات ليلاً. بينما في الواقع، حتى هذه الأدوات المألوفة قد تؤذي الرضع والأطفال.

عالم الطفولة مدهش إلى أبعد حد، وللأطفال قواعدهم الخاصة ونظرياتهم المميزة في التفكير. ومن العجيب أنهم قادرون على فهم العالم بطريقة مختلفة عن الكبار. معظم ملاحظاتهم وخلاصاتهم تثبت ذلك رغم أننا لا ندرك دائماً أنهم على حق، إلى أن يكشفوا لنا أمام الجميع ذات يوم عن مقدار ما يعرفونه من أسرارنا. ومع أنهم يفعلون ذلك بكل براءة إلا أنهم يسببون لنا إحراجاً بالغاً لا يسعنا معه إلا أن نستسلم للضحك.

الأمومة تجربة لا مثيل لها، فإنجاب طفل يمكن أن يجعل البيت مليئاً بلحظات جميلة سنعتز بها لبقية حياتنا. ستتغير أولوياتنا بالطبع، وقد ننظر إلى الحياة على أنها مغامرة مختلفة تماماً، تفيض بالمتعة، ولكن أيضاً بالكثير من الإحباط الناجم عن نوبات الانزعاج التي يدخلها صغارنا. وعلى الرغم من هذه التفاصيل، لن نتوقف يوماً عن حبهم، وسنواصل الاستمتاع بصحبتهم مهما حدث.