حقائق تاريخية عن العصور الوسطى أخطأ منتجو الأفلام في تصويرها
اعتدنا اعتبار الفرسان محاربين نبلاء، ونماذج حقيقية للشرف والشجاعة، في حين ننظر إلى السيدات الجميلات على أنهن مخلوقات هشة ورقيقة تحتاج إلى الحماية. صورت لنا الأفلام أن الرجال في تلك العصور كانوا دائماً على استعداد للتضحية بأنفسهم من أجل هدف نبيل، بينما كانت النساء تنتظر من ينقذهن خلف جدران القلاع العالية، لكن هل الأفلام التي تشيد بشهامة أبطال العصور الوسطى تقدم لنا صورة حقيقية عن الواقع؟
قررنا في الجانب المُشرق البحث ومعرفة ما إذا كان ينبغي علينا اعتبار فرسان ومحاربي القرون الماضية أبطالاً بالفعل، وهل سيكون الإنسان الحديث سعيداً بلقاء أحد محاربي القرون الماضية.
لم يكن الفرسان رومانسيين ولم يظهروا حبهم للسيدات
في العصور الوسطى، كانت العلاقة التي تجمع بين الفرسان والسيدات تعتبر راقية، لكن المؤرخين كانوا يجدون صعوبة في تحديد ما إذا كانت هذه العلاقات تؤخذ على محمل الجد أم أنها كانت مجرد لهو.
حققت القصائد الشعرية المقدسة للمشاعر العاطفية نجاحاً كبيراً بين النبلاء، وخاصة تلك التي كانت تنظم داخل بلاط الملكة إليانور آكيتاين، لكن لا يزال غير معروف ما إذا كان الأرستقراطيون قد تبنوا هذا النوع من العلاقات الرومانسية في حياتهم.
أي شخص يمكن أن يصبح فارساً
ليس كل محارب أظهر الشجاعة في ساحة المعركة يمكن أن يصبح فارساً. فقبل كل شيء، كان على الشاب أن يخضع لتدريب شاق. كان الفرسان المستقبليون، المنحدرون غالباً من عائلات أرستقراطية، يشرعون في التدريب منذ سن السابعة. في البداية، كانوا يؤدون واجبات الخدم، ومنذ سن الـ14، يصبحون مرافقين وما بين 18 و21 سنة، كان يتم تنظيم حفل لتنصيب الفرسان الجدد.
ورغم ذلك، لم يكن الانحدار من السلالة النبيلة وامتلاك المهارة العالية كافيين ليصبح الشاب فارساً. كان في حاجة لمال كاف لاقتناء درع وحصان. وإذا لم يمتلك المال الكافي لذلك، يصبح مجبراً على العمل في مجال آخر.
لعبت السيدات الجميلات دوراً مهماً في المسابقات
بطبيعة الحال، لا تستطيع السيدات الجميلات المشاركة في المسابقات التي تحمل فيها الرماح على الأكتاف. ففي هذه المبارزات لا يقتصر دورهن على اختيار الفارس الذي أثار إعجابهن، بل كن ينظمن المسابقات أيضاً. كانت النساء الجميلات يخترن الحكم المشرف على المسابقة ويعفين عن المحاربين المصابين بإصابات بالغة أثناء المعركة. كما كن يضفن نقاطاً لصالح المحاربين الذين أثاروا إعجابهن.
لا تحل الخلافات عن طريق المبارزات فقط
من حين لآخر، تحدث بعض المبارزات للدفاع عن شرف سيدة ما على سبيل المثال، لكن هذه الأحداث لم تكن القاعدة، بل الاستثناء. كان يحبذ حل الخلافات البسيطة القابلة للنقاش أمام القاضي، وليس عن طريق السيف. كما لم تكن نتيجة المعركة كافية لإغلاق القضية وإنهاء الخلاف، فقد ينشب عنها خلاف آخر فيما بعد.
لم تكن النساء بدون حماية بشكل كلي
أحياناً كانت توكل مهمة إدارة الممتلكات وتسييرها للنساء خاصة في الفترات التي يضطر فيها الأزواج للذهاب للعمل أو المشاركة في الحرب أو قضاء غرض ما بالمحكمة. تصبح السيدات في هذه الظروف مسؤولات عن الدفاع عن الأرض والبيت، بحيث يتوجب عليهن درء أي هجوم من جيش العدو وإيقاف اللصوص أو التعامل مع غزو الفرسان. وعلى الرغم من عدم حصول أي من النساء على لقب الفارس، إلا أنهن كن يقاتلن في كثير من الأحيان مثل الرجال.
لا يرفع الفرسان خوذاتهم لإلقاء التحية
يعتقد البعض أن جذور التحية العسكرية الحديثة تعود للعصور الوسطى. فمن أجل تبيان نيتهم الحسنة، كان يجب على الفرسان رفع خوذاتهم بيدهم اليمنى. فبهذه الحركة، يتضح عدم حملهم سيفاً أولاً، وتبرز وجوههم كاملة ثانياً. في الحقيقة، تعتبر هذه الفكرة خاطئة. من المرجح أن تقليد التحية ظهر في وقت لاحق في القرن السابع عشر، عندما لم تعد تستخدم الخوذات، سواء بأقنعة أو بدون أقنعة، في صفوف الجيش.
لم تكن السيدات في العصور الوسطى عاجزات
في العصور الوسطى، كانت المرأة تتمتع بحقوق وسلطة أكثر مما صارت عليه في بداية القرن الـ 19. يمكنهم وراثة الممتلكات والتحكم فيها وبيعها، ويتحملن المسؤولية خاصة في المرحلة التي يرحل فيها الزوج للحرب أو للمحكمة أو للمشاركة في حملة صليبية.
أنتجت هذه الأمور تعقيدات أخرى، فاستهدفت الأرامل الثريات أحياناً من قبل الملك أو فرسانه. وأجبرت النساء على الزواج من شخص ما ليتمكن الخاطب بعدها من الاستيلاء على ممتلكاتهن. وكانت هذه الطريقة غير الأخلاقية لحرمانهن من أموالهن وممتلكاتهن تعتبر قانونية.
لم يكن المحاربون يسعون دائماً لإنقاذ السيدات
صورة الفارس المنقذ للمرأة الجميلة التي تجد نفسها في مأزق معقد حاضرة في أذهان الناس. في الواقع، على الرغم من أن احترام النساء النبيلات يعتبر بنداً من بنود ميثاق شرف الفارس، إلا أن المحاربين أنفسهم لم يعاملوا السيدات دائماً بشكل لائق. فقد كانت المرأة عرضة للاختطاف والحبس خاصة تلك التي يريد الفرسان الزواج منها. وغالباً ما كانت مهمة المرأة في هذه الحالات هي إيجاد طريقة للخروج من هذه المواقف.
لم تكن دروع وملابس المحاربين موحدة
في الجيوش الحديثة يرتدي الجنود جميعاً زياً رسمياً موحداً. أما في العصور الوسطى، فقد ارتدى الفرسان ملابس لامعة ومختلفة. كانت معظم الدروع مصنوعة حسب الطلب وكانت كل قطعة مختلفة عن الأخرى.
في الحياة اليومية، اختار المحاربون النبلاء الألوان الزاهية واللامعة، مثل الأزرق والقرمزي والأسود، وكانت هذه إحدى طرق التباهي بثروتهم.
لم يكن الفرسان دائماً يتصفون بالشهامة ويحترمون ميثاق الشرف
كان الفرسان محاربين محترفين يكسبون عيشهم بسيوفهم. خلال الحرب، يمكن للملك أن يضمن لأتباعه من الفرسان العمل والمال، لكن في أوقات السلم، يسعى للفرسان لاستغلال قوتهم ونفوذهم في شن هجمات لتدمير مستوطنات الفلاحين أو مهاجمة رجال الدين لكسب بعض المال أو التباهي بالقوة. تم إنشاء ميثاق شرف خاص لكبح جماح المقاتلين الشباب، وعندما تبين أن الميثاق لم يساعد في تغيير سلوك الفرسان، لجؤوا لنشر الأدب التربوي مثل الروايات والقصائد التي تمدح النبل.
المحاربون النبلاء لم يقاتلوا بعضهم بلا رحمة في ساحات القتال
في ساحة المعركة، سعى الفرسان في كثير من الأحيان إلى إبقاء المحاربين الآخرين على قيد الحياة. لم يكن هذا الفعل نابعاً من دوافع نبيلة، ولكنه في الواقع كان مرتبطاً بقيمة الفارس النبيل الذي كان احتجازه أكبر قيمة مقارنة بقتله. ولا يتعلق الأمر فقط بالحجز على دروعه وخيوله، ولكن أيضاً يرتبط بطلب فدية مقابل إطلاق سراحه، لذلك كان القبض على الفرسان في خضم المعركة خياراً مربحاً للغاية.
لم تكن الخيول ضخمة
في الأفلام، غالباً ما يتم تصوير الفرسان ممتطين خيولاً ضخمة وكبيرة. في الواقع، كانت الخيول المستخدمة في الحروب قصيرة ورشيقة يمكنها المناورة ببراعة أثناء المعارك. في حين، تم استخدام الخيول الضخمة للأعمال الزراعية ونقل الأمتعة. لم يمتط المحارب النبيل هذا النوع من الخيول أبداً.
لم يكن من السهل تمزيق الدروع بالسيف أو اختراقها بالسهم
تظهر المشاهد السينمائية الشائعة أنه في ذروة المعركة، يتحرك فارس شجاع بين قوات العدو، ويمزق بسهولة دروع أعدائه. أدى ذلك إلى ظهور أسطورة مفادها أن الدرع يمكن قطعه بسهولة بالسيف أو حتى اختراقه بسهم.
في الواقع، يعتبر الدرع واقياً جيداً للمحاربين من الشفرات الحادة. ويعتبر هذا الدافع مفسراً لرغبة الفرسان في امتلاك واحد. كانت الصدريات الخاصة التي يرتدونها تحمي من السهام، لذا استخدمت السيوف والفؤوس والمطارق في المعارك. يمكن لهذه الأسلحة أن تطيح بعدو من فوق حصانه وتقضي عليه.
يتحرك الفرسان الذين يرتدون الدروع بحرية تامة، ويمكنهم ركوب الخيل دون الحاجة للمساعدة. كما يمكنهم الوقوف أو تفادي الضربة بسهولة. كما اشتهر أحد المحاربين بقدرته على تسلق سلم وهو يرتدي الزي الحديدي باستخدام يد واحدة فقط.
من يجسد مثال الفروسية في مختلف المناطق والحضارات حسب رأيك: الجنود الحاليون أم فرسان القرون الوسطى؟