ما الذي يكشفه لون عينيك عنك وعن أسلافك؟
سمعنا جميعاً المثل القائل إن "العين مرآة الروح"، فهل خطر ببالك أن هذه الفكرة ربما تكون أكثر واقعية مما ظننا؟ فما القصة الحقيقية وراء لون العين؟ ومن أين جاءت مجموعة درجات الألوان اللانهائية للعيون؟ فمن المؤكد، بغض النظر عن الإجابة، أن لون عين كل إنسان فريدٌ من نوعه بالكامل كما بصمات أصابعه. أي أن لا أحد غيرك يمتلك لون العين نفسه الذي تتمتع أنت به. وكشفت بعض الدراسات الحديثة في الواقع أن لون العين أكثر تعقيداً مما ظننا في السابق.
وأثارت الاكتشافات الأخيرة فضول فريق الجانب المُشرق، لذا قررنا إلقاء نظرةٍ أقرب على الأسرار التي تخفيها مختلف ألوان العيون.
اللون البني هو لون العيون الأصلي
قد يبدو الأمر عجيباً، لكن عيون كل الناس كانت بنية اللون في مرحلةٍ ما من التاريخ، ثم حدثت طفرة جينية في الجينات التي تحدد ألوان العيون. وأدت هذه الطفرة إلى تقليل إنتاج الميلانين بدرجةٍ جعلته غير كافٍ لتلوين العينين باللون البني، وهكذا ظهرت العيون الزرقاء للمرة الأولى.
وما يزال اللون البني أكثر ألوان العيون شيوعاً في العالم حتى يومنا هذا. وتتمتع العيون البنية بمقاومةٍ أفضل لبعض أنواع أمراض العيون، بفضل معدلات الميلانين المرتفعة. وتنتشر العيون البنية الفاتحة في الأمريكتين، وغرب آسيا، وأوروبا. بينما تشيع العيون البنية الداكنة في أفريقيا، وجنوب شرق آسيا، وشرق آسيا.
جميع أصحاب العيون الزرقاء لهم جدٌ مشترك
أدت طفرةٌ واحدة في الجينات التي تنتج الميلانين إلى منحنا درجات لا تحصى من ألوان العيون الزرقاء، والخضراء، والرمادية، والعسلية. علاوةً على أن هذه الطفرة الجينية ترتبط بجدٍ مشترك واحد. إذ يعتقد العماء أن هذا الجد الأكبر كان أوروبياً من منطقة البحر الأسود، وعاش على الأرجح قبل ما يتراوح بين 6,000 و10,000 عام مضت.
وتتراوح نسبة أصحاب العيون الزرقاء في أوروبا اليوم بين 20% و40%، بينما تتراوح نسبتهم في العالم أجمع بين 8% و10% فقط. وتنتشر العيون الزرقاء أكثر في شمال أوروبا. ويرجع سر ارتفاع نسبة أصحاب العيون الزرقاء في أمريكا (27%) جزئياً إلى أصول الأمريكيين الأوروبية الشرقية، والأيرلندية، والبريطانية.
تطور ألوان العيون مرتبطٌ بهجرة أسلافنا
يفترض العلماء أن تطور ألوان العيون يرتبط بهجرة أسلافنا من المناخات الدافئة إلى المناخات الأكثر بروداً. ويمكن العثور على أكبر تنوع من ألوان العيون اليوم بين الأوروبيين، الذين تتراوح ألوان عيونهم بين الأزرق الفاتح والبني الداكن. ويعتبر الميلانين هو سر انتشار العيون البنية في المناخات الأكثر حرارة، مثل آسيا وأفريقيا، حيث يحمي الميلانين العين من الشمس وأضرار الأشعة فوق البنفسجية.
لا تتجاوز نسبة أصحاب العيون الرمادية الـ1%
شاع حتى وقت قريب الاعتقاد القائل إن جيناً واحداً هو المسؤول عن ألوان عيوننا. لكن تبين أن هناك نحو 16 جيناً لها دورها في تحديد لون العين، ويمكن لهذه الجينات إنتاج درجات ألوان نادرة وفريدة من نوعها مثل اللون الرمادي. وتبدو العيون الرمادية وكأنها “زرقاء اللون” للوهلة الأولى، لكنها تحتوي على بقع باللونين البني والذهبي على عكس العيون الزرقاء الخالصة.
ولا تتجاوز نسبة أصحاب العيون الرمادية الـ1% من سكان العالم، مما يجعل هذا اللون من أقل ألوان العيون شيوعاً. وتتباين درجات العيون الرمادية بين اللون الرمادي المائل للأخضر، والرمادي المائل للأزرق الدخاني، والرمادي المائل للبني العسلي. وتعتمد هذه الدرجات على ظروف البيئة التي يقطنها المرء، وخاصةً الضوء. ويشيع هذا اللون عادةً في شمال وشرق أوروبا.
يتمتع أصحاب العيون الفاتحة بقدرةٍ أفضل على تحمل الألم
كشفت دراسةٌ أُجريت على 58 امرأةً حبلى أن السيدات ذوات العيون فاتحة اللون يتمتعن بقدرة تحمل للألم أعلى من النساء ذوات العيون البنية أو العسلية. إذ شعرت النساء ذوات العيون الزرقاء والخضراء بمشقةٍ أقل أثناء الولادة. وارتبط اكتشاف آخر يثير الاهتمام بحالات اكتئاب ما بعد الولادة. حيث يؤدي انخفاض معدلات الميلانين إلى جعل النساء ذوات العيون الفاتحة أقل عرضةً للشعور بالقلق والاكتئاب من النساء ذوات العيون داكنة اللون.
تنتشر العيون الخضراء في شمال ووسط أوروبا
تعتبر العيون الخضراء من أقل العيون شيوعاً بين ألوان العيون الطبيعية، ولا يمتلكها سوى 2% فقط من سكان العالم. وتظهر العيون الخضراء بشكلٍ طبيعي لدى مختلف الأعراق، لكن نحو 16% من أصحاب العيون الخضراء ينحدرون من أصول جرمانية أو قلطية. والمثير للاهتمام أن 86% من الشعب الأيرلندي والاسكتلندي تحديداً لديهم عيونٌ خضراء.
تعتبر العيون كهرمانية اللون من أكثر ألوان العيون تفرداً
يطلق على العيون كهرمانية اللون اسم “العيون الذهبية” عادةً، وتنتمي هذه العيون إلى عائلة العيون “البنية” لكن لها بعض الخصائص الفريدة من نوعها. إذ تتميز عن العيون العسلية والبنية بحقيقة أنها لا تحتوي على درجات لون بنية، أو برتقالية، أو خضراء. وتختلف عن العيون العسلية التي تبدو وكأنها تحمل لمسات من ألوان مختلفة، حيث أن لون العيون الكهرمانية يظهر ذهبياً صافياً طوال الوقت. وينحدر أصحاب العيون كهرمانية اللون عادةً من أصول إسبانية، أو أمريكية جنوبية، أو جنوب أفريقية، أو آسيوية.
يخلط الناس بين العيون العسلية والبنية عادةً
تظهر العيون العسلية أحياناً بلونٍ بني فاتح وفقاً لإضاءة المكان. لكنها قد تحتوي على درجات أكثر تنوعاً من العيون البنية. إذ نشهد عادةً مزيجاً من البني، والأخضر، والكهرماني في صورة بقع أو حلقات صغيرة داخل قزحية العيون العسلية. ويتمتع أصحاب العيون العسلية بكمية ميلانين متوسطة تؤدي لظهور اللمسات الخضراء والبنية. ويمتلك نحو 5% من الناس عيوناً بهذا اللون.
وتظهر العيون العسلية بشكلٍ طبيعي بين مختلف الأعراق، لكنها أكثر شيوعاً بين المنحدرين من الشرق الأوسط والبرازيل وإسبانيا وشمال أفريقيا. ويعتبر هذا اللون نادراً نسبياً، خاصةً بين أبناء الأصول الأفريقية والآسيوية. ومن المرجح أن غالبية أصحاب هذه العيون لديهم بعض الجذور القوقازية.
يمتلك أقل من 1% من الناس عيوناً مختلفة الألوان
تظهر ألوان عيون البشر بدرجات رائعة، ومن بينها بعض الحالات النادرة للأشخاص الذين يعانون من تغاير لون القزحيتين، وهي حالة نادرة تؤثر على أقل من 1% من الناس. وتحدث هذه الحالة نتيجة اختلاف درجة تركيز الميلانين في العينين، مما يؤدي لامتلاك العينين لونين مختلفين جزئياً أو بالكامل. وهناك أسباب مختلفة لهذه الحالة منها الجينات، أو بعض أنواع المتلازمات، أو الإصابات الجسدية في العين.
لا وجود للون الأسود الحقيقي
تبدو عيون بعض الناس سوداء اللون، لكن هذا اللون من العيون لا وجود له في الطبيعة. إذ يتمتع الأشخاص الذين تبدو عيونهم سوداء بعيون ذات لون بني داكن للغاية، لكن لونها يمتزج مع بؤبؤ العين بدرجةٍ تجعلها تبدو سوداء.
ويمكن القول إنه من المستحيل طبيعياً أن يمتلك المرء عيوناً سوداء، لأن الأجسام السوداء تميل لامتصاص الأشعة فوق البنفسجية أكثر من الألوان الأخرى. أي إننا كنا سنعاني من صعوبات بالغة في التعامل مع ضوء الشمس إذا كانت عيوننا سوداء اللون بالكامل. مما سيسبب أيضاً مشكلات في الرؤية ويؤدي لتدهور صحة العين.
هل ينتمي لون عينيك إلى أي من هذه المجموعات؟ وهل أنت سعيدٌ بلون عينيك، أم تتمنى أحياناً لو كان لونها مختلفاً؟