الجانب المُشرق
الجانب المُشرق

لماذا تحمرّ وجوهنا، وما الذي يحدث لأجسامنا حينها؟

يميل الناس في العموم للاعتقاد بأنهم يستطيعون التحكم في ردود أفعالهم. وبهذه الطريقة، يتمكنون من إظهار ردود الفعل التي يعتبرونها ملائمة أو مناسبة للموقف أو للحظة الآنية. على جانب آخر، لا يمكن أن ننسى وجود أنواع أخرى من ردود الفعل التلقائية، وبرغم رغبتنا في التحكم في هذا النوع، إلا أننا ببساطة لا نستطيع. يمكن رؤية هذا في حالة احمرار الوجه، وهو رد فعل عفويّ يميّزما كبشر، ولا يمكننا إظهاره عمداً ولا تزييفه.

احمرار الوجه هو رد فعل صادق ومميز قد يصعب فهمه، لذلك أجرينا عملية بحث في الجانب المُشرق لنقدم لكم تفسيراً لهذه الاستجابة البشرية الصادقة.

ما الذي يحدث لأجسادنا حين تحمرّ وجوهنا

يمر الجسد البشري بمجموعة من التفاعلات ضمن عملية حيوية داخل الجسم، تؤدي بالنتيجة إلى اللحظة التي تتحول فيها الوجنتان للّون الوردي ونشعر فيها باحمرار الوجه. الاحمرار رد فعل طبيعي لما يسمى الجهاز العصبي السبمثاوي (الودّي)، وهو المسؤول عن بعض ردود الأفعال التلقائية السريعة.

حين يمر هذا الجهاز بمشاعر معينة، فإنه يرسل إشارة للغدد الكظرية كي تطلق هرموناً يسمى الأدرينالين، وهو أيضاً المسؤول عن رد الفعل المسمّى استجابة الكر أو الفر. حين يُطلق هذا الهرمون، يبدأ معدل دقات القلب في التسارع، وهو ما يؤدي لتوسع الأوعية الدموية، وزيادة مستوى الأكسجين في الدم، وكذلك زيادة تدفق الدم.

أثبتت الأبحاث أن المناطق الأكثر عرضة للاحمرار، مثل الوجنتين والعنق وخاصة الأذنين، لديها بنية تشريحية مختلفة تجعل هذه الاستجابة العفوية التي لا يمكن التحكم فيها ممكنة الحدوث.

أسباب احمرار الوجه المحتملة

صرنا نعرف الآن العملية الداخلية التي تسبب هذا التلون الواضح لبعض مناطق الجسم. من المهم أيضاً أن نعرف ما الذي يطلق هذه الاستجابة حقاً، وسنوضح فيما يلي الأسباب العديدة المحتملة لذلك.

المشاعر: الإحراج، أو الخجل، أو الوقوع في الحب، أو حتى الغضب قد تكون أسباباً لاحمرار بعض أجزاء الوجه.

درجة الحرارة: إذا ارتفعت درجة حرارة الجسد نتيجة للحرارة أو المجهود البدني، فإن الوجه غالباً ما يظهر عليه الاحمرار بوضوح. نفس الشيء يحدث في حالة البرد الشديد، فهو يسبب تغير لون الوجنتين والأنف والأذنين.

الحمى: حين ترتفع درجة حرارة الجسم بسبب الإصابة بأحد أنواع الفيروسات، فإن احمرار الوجه عرض شائع. إن كان هذا هو سبب الاحمرار، فإنه سيختفي مع بقية الأعراض حين تتراجع الحمى.

الأطعمة أو المشروبات: إذا تناولت طعاماً حاراً بشدة أو تناولت أطعمة تحتوي على مركبات كيميائية معينة، فقد يؤدي ذلك لاحمرار الوجه أيضاً. قد يحدث نفس الشيء في حالة شرب أحد المشروبات الساخنة.

سبل مختلفة لفهم احمرار الوجه

لم يجد المجتمع العلمي حتى اللحظة تفسيراً شاملاً للغرض الذي يؤديه احمرار الوجه في حياتنا اليومية. وبرغم ذلك، صاغ علماء مختلفون نظريات، في محاولة للحصول على تفسير، وقدموا فرضيات جديدة وفقاً للأدلة التي اكتشفوها. من بين كل النظريات المعروضة، حظيت ثلاث منها بدعم المجتمع العلمي. وهذه النظريات هي الأكثر تقبلاً ومنطقية.

نظرية التواصل: وفقاً لهذه الفرضية، فإن وظيفة احمرار الوجه هي نقل المعلومات لمن يحادثوننا ولمن هم حولنا. بمعنى أننا نمنحهم معلومات بدون أن نتواصل معهم لفظياً. احمرار الوجه على ما يبدو يساعد على التعافي وعلى حفظ ماء الوجه. ويسمح للآخرين في نفس الوقت باكتساب أو استعادة الثقة المفقودة في الشخص الذي يحمرّ وجهه.

الاهتمام الاجتماعي غير المرغوب: تزعم هذه النظرية أن احمرار الوجه هو طريقة لمن يراقبوننا ليدركوا بسرعة أننا لسنا سعداء بالاهتمام الذي يوجهونه لنا. ولذلك، فهو أمر لا يمكن تجنبه نهائياً ويحدث في المواقف التي نشعر فيها بأن أحدهم يتمعن فينا بشدة، أو يمدحنا، أو حين نشعر ببساطة بقدر مبالغ فيه من الاهتمام غير المرغوب من أحدهم.

المجاهرة: في هذه الحالة، فإن احمرار الوجه يكون بمثابة رد فعل أو نتيجة للخوف من كشف أو فضح معلومة خاصة أو سر أو كذبة. وفقاً لهذه النظرية، فإن احمرار الوجه يعني خجلك من كشف أمرك وأن ما يقال عنك صحيح.

ما هي المواقف التي يحمرّ فيها وجهك؟ هل مررت بموقف احمرّ فيه وجهك بشدة لدرجة الشعور بالإحراج؟

شارك هذا المقال