لماذا أصبحنا نحب الأشرار أكثر من الأبطال في الوقت الحاضر؟
منذ أن كنا أطفالاً، تعلمنا الفارق بين ما هو جيد وما هو سيء. وأدركنا أن هناك أناس طيبون مثل سندريلا، وآخرون أشرار مثل الملكة الحقودة. لكن العالم لم يعد أبيض وأسود، حتى في الأفلام. وبعدما تخلينا عن باتمان وسوبرمان، أصبحنا مهووسين أكثر فأكثر بـشخصيات تمثل “الشر” مثل هارلي كوين والجوكر، والأكيد أن هناك أسباباً مقنعة تجعلنا مفتونين بهم إلى أبعد حد.
وحتى نحن هنا في الجانب المشرق يغرينا هذا الجانب المظلم أحياناً، ولذلك قررنا البحث لمعرفة السبب.
الأشرار شخصيات واقعية
لقد أثبتت الدراسات أنه من المرجح أن نتعاطف مع الشخصيات المشابهة لنا. وبما أن الأخيار في الأفلام غالباً ما يتم تصويرهم على أنهم مثاليون تقريباً، فإننا نجد صعوبة في الارتباط بهم، لأن لدينا جميعاً عيوبنا وجوانبنا المظلمة. وفي المقابل، كثيراً ما يكون الأشرار أكثر واقعية.
في السينما، لم يعد خصوم العصر الحديث يظهرون أشراراً بنسبة 100٪، بل شخصيات معقدة ومضطربة لديها قصصها الخاصة. فمن منا لم يكره دولوريس أمبريدج في أفلام هاري بوتر لكونها خبيثة بشكل غير معقول؟ ليست هناك عبرة ولا منطق وراء سلوكها، بل هي مجرد شخصية تتصرف وفق مصلحة ذاتية. وهكذا يمتلك العديد من الخصوم وجهات نظر نراها في القصة، بل ونتقبلها في كثير من الأحيان.
ويتأكد هذا بشكل أكثر فاعلية عندما نرى الشرير من بداية الفيلم، حيث نعيش في ردائه ونتفهم قصته. نرى ما يمر به من حوادث وما ينتابه من مشاعر وأفكار، ولا يسعنا إلا أن نتعاطف معه.
لكنها في الوقت نفسه تتخطى الحدود
في المجتمع، عادة ما نتبع القواعد المتوارثة ونتصرف وفقاً للأعراف الاجتماعية. لكن ما يميز أشرار السينما أنهم لا يأبهون للمجتمع على الإطلاق، فهم يتصرفون بالطريقة التي يريدونها، دون الاهتمام بتوقعات أي شخص آخر. لن يقولوا أشياء لطيفة لمجرد الظهور بشكل مقبول، بل سيقولون لك ما يفكرون فيه. إنهم أحرار، وهذا ما نتمناه بدورنا على الأرجح، لذلك نجد أنفسنا معجبين بهم.
وينتابنا الفضول حيالهم
كلما رأينا شخصاً يتصرف بشكل سيء أو غريب، نريد أن نعرف السبب. وهذا يثري فضولنا حيال الأشرار وماضيهم وما يفكرون فيه. إنهم مثيرون للجدل، ونحب التقرب منهم وتحليل أفعالهم، خاصة حين لا تكون مجرد تمثيل للشر المطلق. ويبدو أن الأفلام الحديثة تقوم بعمل جيد في هذا الشأن، حيث تبين لنا أن هناك ما جعلهم أشراراً أو منعهم من أن يكونوا صالحين. وهناك الكثير من الصراعات النفسية التي تحدث باستمرار داخل أعماق الشخصية، والتي نجدها مشوقة.
ولا يمكن توقع أفعالهم
جميعنا نعلم ما يحدث مع الأبطال، فهم يتخذون القرار الصحيح ثم يفوزون، حيث يتخطون المصاعب، ويتغلبون على الخصوم، وينقذون العالم. لكننا لا نعرف أبداً ما الذي قد يحدث للشرير، وهذا ما يجعلنا نهتم به طوال القصة وندمن مراقبته حتى النهاية.
كما أن من المستحيل التنبؤ بأفعال الشخصيات الشريرة، أو على الأقل لا توضع أمامنا العديد من الخيارات. بخلاف معرفتنا للمسار الصحيح الذي يتحتم على البطل الطيب السير فيه، هناك العديد من الاحتمالات المجنونة تماماً أمام الشرير، والتي لا نتمكن من التفكير فيها حتى في أكثر أحلامنا جموحاً، وهذا ما يزيد من اهتمامنا كمشاهدين بمتابعة هذا الصنف من الشخصيات.
يجعلوننا نواجه جوانبنا المظلمة
لسنا مثاليين بأي حال. ولذلك فإن العثور على أوجه تشابه بيننا وبين بعض الشخصيات الشريرة يجعلنا نكتشف أسرارنا والجوانب المظلمة في أعماقنا. ولكننا ندرك في الوقت نفسه أن هذه الشخصيات التي قد نربط أنفسنا بها ليست حقيقية، وان هذه الاكتشافات النفسية لا تهدد صورتنا الإيجابية عن أنفسنا، رغم أنها ما تزال تثير اهتمامنا.
من هو الشرير المفضل لديك في الأعمال الأدبية والفنية؟