الجانب المُشرق
الجانب المُشرق

آل روتشيلد: قصة عائلة ذات نفوذ عالمي وثروة لا تعدّ ولا تحصى

إذا بحثت عن عائلة “روتشيلد” في مجلة فوربس، فلن تجدها مدرجة في قوائمها، لأن ثروة العائلة يتقاسمها العديد من الورثة. من الصعب تحديد القيمة الدقيقة للثروة التي يمتلكونها، ولكن بناءً على ما يشيع من معلومات، فهي تتراوح ما بين 350 مليار دولار و1 تريليون دولار. يعيش أفراد الأسرة الحاليون في بلدان مختلفة، بحيث أن بعضهم بعيدٌ كل البعد عن أعمال الأسرة الرسمية. فهم يفضلون القيام ببعض الأنشطة الأخرى من قبيل حفظ الأرشيفات التاريخية في المتاحف، أو توفير الموارد لإنقاذ القطب الشمالي من الاحتباس الحراري.

لقد تملَّكنا الفضول في الجانب المُشرق لمعرفة بعض الخبايا المثيرة للاهتمام حول هذه العائلة. وعثرنا على حقائق غير معروفة نسبياً.

بداية من القرنين الثامن عشر والتاسع عشر

  • عاش الجيل الأول من عائلة روتشيلد في منزل تتوسط أحد جدرانه لوحة رسم عليها نسر ذهبي ودرع أحمر في الخلفية. ينطق الدرع الأحمر في اللغة الألمانية بإسم “روتشيلد”.
  • في القرن الثامن عشر، تمكن ماير أمشيل روتشيلد من إنشاء مصرفٍ في بلدة ألمانية ثم أورثه أبنائه الخمسة. كان الشبان بارعين وماهرين جداً بحيث قاموا بتوسيع أعمال أبيهم بفتح 5 مصارف أخرى تتواجد في أماكن مختلفةٍ في أوروبا. عملت المصارف بشكل تعاوني وتكاملي ولم يكن بين الأخوة أي نزاعات ومشاكل.

ماير أمشيل روتشيلد (على اليسار) وأبناؤه الخمسة: ناثان وسلومون وجيمس وكارل وأمشيل

  • أسس آل روتشيلد شركة البريد السريع الخاصة بهم والتي كانت تقوم بنقل أخبار العالم حصرياً. وقد استخدموا أيضاً الحمام الزاجل لنقل الرسائل، الأمر الذي عاد بالنفع على الشركة التي كانت سباقةً في الحصول على الأخبار الحصرية. وقد استخدموا عملاءهم أيضاً لنشر الشائعات بغرض زيادة أرباحهم، وهو الأمر الذي حدث مثلاً أثناء الحرب مع نابليون في سنة 1815. ففي خضم هذا الصراع المسلح، أدرك العملاء، بناء على مجريات الحرب، أن إنجلترا قريبة من تحقيق انتصار وشيك، فأرسلوا رسالة مستعجلة باستعمال الحمام الزاجل إلى روتشيلد. وفور وصولها له، أمر روتشيلد سماسرته ببيع الأسهم بأسعار منخفضة قليلاً. رأى الناس أن هذا التحرك يعني خسارة إنجلترا للحرب ما دفعهم للبدء في بيع أسهمهم بأسعار منخفضة جداً. استغل روتشيلد الفرصة وقام بشراء جميع الأسهم تقريباً وضاعف ثروته أضعافاً مضاعفة في يوم واحد فقط. لقد كان يعلم مسبقاً أن إنجلترا موشكة على الانتصار في الحرب، الأمر الذي يعني أن الأسعار سترتفع بعد أن يُدرك الجميع ما حدث.
  • في القرن التاسع عشر، كانت للعائلة مدونة قوانين خاصة يلتزم كل فرد من أفراد الأسرة باتباعها. ومن بين الأخبار الرائجة حول العائلة في هذه الفترة، أنه كان ممنوعاً على النساء التصرف في الأموال. كان هذا الحق يخص الرجال وحدهم.
  • في أغلب الأحيان، أرغم أفراد العائلة على الزواج من أبناء عمومتهم لحفظ ثروة الأسرة، الشيء الذي أدى إلى تضاؤل عدد أسلافهم. ففي الأصل، يمتلك كل شخص عادي في العالم أبوين و4 أجداد، لكن في عائلة روتشيلد، على سبيل المثال، لم يكن لليونيل والتر روتشيلد سوى جد أكبر واحد وجدة كبرى واحدة.
  • بحلول نهاية القرن التاسع عشر، سيطرت العائلة على ما يقرب من نصف العالم. قاموا بتمويل الجيش الياباني خلال الحرب الروسية اليابانية، واستثمروا في بناء خط السكك الحديدية في أوروبا، وموّلوا بناء قناة السويس في مصر، وغير ذلك من المشاريع. وبناءً على هذا، أصبح لقب روتشيلد مرادفاً للثروة.
  • هناك قصة تبدو خرافية توضح مدى قوة تأثير هذه العائلة. وفقاً لمذكرات أحد أفراد الأسرة، كانت فيكتوريا ملكة إنجلترا تزور عائلة روتشيلد في الكثير من الأحيان. وخلال إحدى هذه الزيارات، طلبت البارونة أليس روتشيلد فجأةً من الملكة أن تزيح قدميها عندما لاحظت أنها داست على عشب حديقتها، وما كان من الملكة فيكتوريا إلا الامتثال لهذا الطلب.
  • كانت مبادئهم مثيرةً للإعجاب أيضاً. ففي سنة 1861، لجأت الحكومة الروسية إلى الأسرة للحصول على قرض، ولكن الطلب قوبل بالرفض. لقد كانت الحكومة الروسية في حاجة لتمويل عمليات حفظ النظام وقمع تمرد بولندا، وكانت الفرصة سانحة أمام عائلة روتشيلد لجني الكثير من المال من خلال هذا القرض، لكنهم لسبب ما رفضوا دعم الحكومة التي تسعى لقمع حركات التحرير الوطني.
  • انتصرت إنجلترا في الحرب على نابليون بمساعدة العائلة. رعى آل روتشيلد الجيش الإنجليزي ودعموه مادياً وساعدوه في نقل المعادن باهظة الثمن التي كانت تستخدم في إنتاج الأسلحة.

في القرن العشرين

الاحتفال بالذكرى المئوية الثانية للسلالة. من اليسار إلى اليمين: جاكوب روتشيلد وأمشيل روتشيلد وغاي دي روتشيلد وإدموند دي روتشيلد.

  • كان فرديناند معروفاً في العائلة بأنه أشهر جامع تحف في العالم. وقد كان يخطط ـ على حد قوله ـ للتبرع بكل ممتلكاته التي جمعها للمتحف البريطاني. وبعد علمهم بالأمر، استغل رؤساء المتحف هذا الأمر لصالحهم عن طريق خداعه ودفعه لشراء بعض الممتلكات الباهظة التي استعصى عليهم اقتناؤها، مدركين مسبقاً رغبته في التبرع بها في يوم من الأيام لصالحهم.

راقص الباليه ومصمم الرقصات الشهير رودولف نورييف مع ماري هيلين دي روتشيلد

  • يشتهر والتر روتشيلد أيضاً بممارسة هواية التقاط وجمع الفراشات. لقد كان يمتلك حوالي 2.25 مليون نوع مختلف. وكانت لديه هواية أخرى موازية تتمثل في قيامه برحلاتٍ استكشافيةٍ إلى أبعد بقاع العالم. فبفضل حبه للمغامرة، تم اكتشاف حيوانات وحشرات جديدة، من البق إلى حيوانات الكنغر. سميت العديد من أنواع الفراشات والزرافات والطيور باسمه تكريماً له.

والتر روتشيلد يمتطي سلحفاة غالاباغوس خارج قصره

  • خلال الحرب العالمية الثانية، اعتقل الجنود الألمان أحد أفراد عائلة روتشيلد وعرضوا عليه صفقةً تبادليةً بحيث يقوم بتفويت مصنع الصلب الخاص به للألمان بالإضافة إلى مبلغ مالي نقداً، وذلك مقابل إطلاق سراحه. وافق روتشيلد على طلبهم شريطة أن يدفعوا ثمن المصنع، ما جعل عملية المساومة تطول أكثر، وفي النهاية، وافق الألمان على شروطه. تم إطلاق سراح فرد آل روتشيلد، لكن الصفقة لم تتم أبداً. فبعد بضعة أيام، احتل الجيش الألماني الأراضي التي بني عليها المصنع، وبالتالي لم تكن هناك حاجة لدفع ثمنه.

في القرن الحادي والعشرين

آل روتشيلد في الوقت الحاضر. من اليسار إلى اليمين: جيسيكا وإدوارد وأوندين وديفيد.

  • تمتلك الأسرة مزارع نبيذ في جميع أنحاء العالم. يعد نبيذ شاتو لافيت روتشيلد أشهر علاماتهم التجارية، وهناك صورة للبارون إدموند جيمس دي روتشيلد على ملصق أحد منتوجاتهم.
  • بدأ رئيس فرنسا إيمانويل ماكرون مسيرته المهنية موظفاً في إحدى شركات عائلة روتشيلد. وكان معروفا بتفانيه في عمله حتى أنه كان يلقب باسم “موزارت” الشؤون المالية.
  • يوجد في كامبريدج ما يسمى بأرشيف عائلة روتشيلد. تحافظ إيما روتشيلد على تاريخ العائلة، وتعد هذه الأخيرة أصغر طالب يلج جامعة أكسفورد عن عمر يناهز 15 سنة.
  • يدير ديفيد روتشيلد، أحد أحفاد العائلة، مؤسسة المغامرة البيئية Adventure Econolgy التي تروج لمبادرات تسعى لإنقاذ الكوكب. ففي سنة 2006، نظم رحلة استكشافية إلى منطقة القطب الشمالي لدراسة الجليد. وفي سنة 2007، سافر إلى غابات الإكوادور لحمايتها من التلوث وإزالة الأشجار. أما في سنة 2010، قام ببناء سفينة مصنوعة من 12.5 ألف زجاجة بلاستيكية وعبر نصف المحيط الهادئ على متنها.

ديفيد روتشيلد وسفينته المسماة بلاستيكي Plastiki

ما رأيك بهذه العائلة وحجم الثروة التي تمتلكها؟ وهل ترى أن الأحفاد سيواصلون السير على طريق أجدادهم بنفس القوة؟

مصدر صورة المعاينة Pierre VAUTHEY / Contributor / Getty Images
الجانب المُشرق/مجتمع/آل روتشيلد: قصة عائلة ذات نفوذ عالمي وثروة لا تعدّ ولا تحصى
شارك هذا المقال