أم تزين أجهزة مساعدة السمع الخاصة بابنها ليشعر وكأنه بطل خارق حقيقي
تقف الأمهات إلى جانب أولادهن وتدعمنهم مهما كانت صعوبة الظروف. ولد فريدي مصاباً بعدوى الفيروس المضخم للخلايا (CMV)، مما أدى إلى فقدانه السمع في أذنه اليمنى كلياً وفي أذنه اليسرى جزئياً. ولأن بعض الأطفال ينزعجون من ارتداء الأجهزة المساعدة على السمع، نظراً للانتقادات والتعليقات السلبية التي قد يتعرضون لها من بقية الأطفال، فقد تمكنت والدة هذا الصبي الصغير من تحويل تلك السماعات إلى أداة رائعة من خلال تزيينها بصور الأبطال الخارقين، والرسوم المتحركة، وغيرها من التصاميم. وهي تفعل ذلك بغرض مساندة ابنها وغيره من الأطفال الذين يعيشون هذا الوضع المعقد.
وقد استمعنا في الجانب المُشرق إلى سارة إيفرمي، والدة فريدي، وهي تروي قصة ابنها وكيف جاءتها فكرة تغيير شكل سماعاته. إذ يجب أن يعرف الجميع بمثل هذه المبادرات. فعلى الرغم من أنه موضوع قد لا يهم الكثيرين، إلا أنه سيحدث فارقاً كبيراً في حياة أولئك الأطفال عن طريق مساعدتهم على الشعور بقبول المجتمع لهم وانتمائهم له.
أخبار غير متوقعة
تغيرت حياة سارة بكاملها بعد ولادة فريدي. فحين كان عمره خمسة أيامٍ فقط، اكتشف الأطباء أن الولد يعاني من عدوى الفيروس المضخم للخلايا، وأصبح من المرجح للغاية أن يصاب بالصمم بعدها. وبعد مضي ثلاثة أشهر، تم فحصه مرةً أخرى وتبين أنه فقد سمعه بالكامل في أذنه اليمنى، وفقده جزئياً في أذنه اليسرى، لكن الضرر قد يزيد ويصبح أكثر خطورة مع مرور الوقت.
بدأ فريدي يرتدي سماعة أذن حين بلغ شهره الرابع، ثم خضع لعملية زرع قوقعة الأذن لتحفيز عصبه السمعي وهو في عمر السنتين. ولم يكن سهلاً على سارة تقبل فكرة أن ابنها سيكون مختلفاً عن بقية الأولاد في البداية، وعلم الرغم من ذلك، تمكنت من أن تتأقلم مع وضعها ومع كل ما يجري من حولها. حيث قالت: “عانيت كثيراً حين علمت أن فريدي يعاني من الصمم، لكنني تفهمت الأمر سريعاً. فأنا أدرك أن هذا المرض لن يحدد هوية ابني، وأعلم أن الفرص والمستقبل ما يزالان في انتظاره مثل الأطفال الآخرين”.
فكرة ترسم الابتسامة على وجوه الناس
يشعر العديد من الأطفال بأن اضطرارهم لارتداء سماعات الأذن هو أمر غريب أو معقد للغاية، لكن فريدي يفتخر بارتداء سماعاته بفضل والدته، التي كانت صاحبة فكرة تخصيص هذه الأجهزة وتحويلها إلى غرضٍ مسلٍ وممتع للأطفال. حيث راودتها الفكرة للمرة الأولى حين بدأت ابنة صديقتها تواجه مشكلات مع بعض زملائها في المدرسة، الذين ضايقوها بسبب ارتدائها أحد الأجهزة المساعدة على السمع.
وعلى الرغم من أن ابنها لم يتلق أي ردود فعل سلبية حول الموضوع، لكن سارة لم تهدر أي وقت وباشرت على الفور بالأبحاث لتعثر على طريقة لتزيين هذه الأجهزة. وبعد فترةٍ من البحث، لاحظت سارة عدم وجود أي شركة تقدم كل ما تحتاجه من أجل إضفاء لمسةٍ شخصية على السماعات، ولهذا فكرت في صنع الملصقات ومجموعات التزيين الكاملة. ثم طلب الصبي بعض النصائح من أصدقائه، ومن هنا نشأت شركة "لاغز Lugs"، التي ستغير حياة ابنها وحياة العديد من الأطفال الآخرين في جميع أنحاء العالم.
سماعات “لاغز” تجعل الأطفال سعداء
في عام 2014، أنشأت سارة شركة لاغز حتى تلهم الأطفال الآخرين ليشعروا بالراحة والفخر عند ارتداء الأجهزة المساعدة على السمع. وقد وقع الاختيار على الاسم (الذي يعني “أذنين” بالإنجليزية) بفضل جد سارة، إذ كان يكرر جملة “امسك أذنيك” كلما أراد لفت الانتباه أو قول شيء. وقد اختارت سارة الاسم لهذا السبب، بالإضافة لكونها كلمةً خفيفة الوقع وسهلة النطق.
ولم تحتو الأجهزة التي كان يستخدمها فريدي في البداية سوى على بعض الملصقات الحمراء، لكنه كان مفتوناً بها حقاً. ثم بدأت التصاميم تتطور بعدها وأصبح يستخدم أجهزةً مزينة بشخصيات حراس القوة (Power Rangers).
وتستمد سارة الإلهام في التصاميم الجديدة من أفكار فريدي وشقيقه. كما تم تكليف الصغيرين أيضاً بإخبار الأصدقاء عن تصاميمهم المفضلة. بينما يلعب عملاء “لاغز” كذلك دوراً مهماً في هذا المشروع، لأنهم يقترحون أفكار مجموعات التزيين المختلفة التي تناسب أذواقهم.
وكل الجهد الذي تبذله سارة يمنحها شعوراً رائعاً بالارتياح حين ترى حياة الأطفال تتغير بفضل منتجاتها. حيث قالت: “السبب الذي يحركني لفعل كل ذلك هو علمي أن الصغار يحبون أجهزتهم ويشعرون بالفخر لارتدائها أمام أصدقائهم، بعد أن كانوا عاجزين عن فعل ذلك في السابق”.
بينما يشعر فريدي من جانبه بسعادةٍ بالغة لمساعدة والدته بكل الطرق الممكنة، وخصوصاً عن طريق المشاركة في عملية صنع القوالب الجديدة. فهو سعيد بالمشروع ويحب رؤية الآخرين وهم يرتدون السماعات التي تصنعها والدته، كما أنه فخور بكل المساعدة التي يحصل عليها الأطفال بفضل جهود هذه المرأة الرائعة.
السعي لنشر السعادة
كانت ردود أفعال الأطفال على السماعات التي تصنعها سارة إيجابيةً للغاية، وخاصةً بين العديد من الأطفال الذين كانوا يرفضون ارتداء الأجهزة المساعدة على السمع في السابق. وترغب صاحبة الفكرة الثورية في تزيين أكبر عددٍ ممكن من الأجهزة المساعدة على السمع، كما تتمنى إحراز التقدم على صعيد الأجهزة الأخرى التي يحتاجها ذوو الاحتياجات الخاصة.
وقد حققت سارة إنجازات رائعة غيرت حياة العديد من الأطفال، ومن بينهم ابنها، كما صارت مصدر إلهامٍ كبير للعديد من الأشخاص المضطرين للتعامل مع الموقف نفسه بفضل تفانيها وجهودها. إذ أوضحت: “لا يجب أن يشعر أبٌ أو أم بالذنب نتيجة إحساسٍ أو شعور مرتبط بما يمر به طفلهم. نعم، ستكون هناك بعض الأوقات العصيبة للغاية، لكن كل الأمور ستصبح على ما يرام في النهاية”.
وبعد كل ما قيل، أثبتت لنا هذه الأم الخارقة أن أبسط التغييرات يمكنها أن تصنع أكبر فارق. ومهما كانت الظروف، يجب أن نبحث دائماً عن طريقةٍ لحل الأمور والنظر إلى الجانب المُشرق من كل شيء. إذ إنه من الرائع أن تكون مختلفاً في نهاية المطاف.
هل أعجبتك هذه الفكرة؟ وما الرسالة التي تود أن تبعث بها لفريدي وأمه؟ أخبرنا في التعليقات.