الجانب المُشرق
الجانب المُشرق

طفلة شهباء نبذها الناس عند ولادتها فكبرت لتصبح عارضة أزياء شهيرة

في اللغة الصينية، تعني كلمة “Xue” الثلج ويشير نعت “Li” إلى الجمال، وعند الجمع بينهما، يصبح الاسم مناسباً لعارضة أزياء شهباء اللون. أُطلق هذا الاسم على الصغيرة قبل 16 عاماً في دار للأيتام في الصين، وقد كبرت Xueli الآن وغيّرت نظرة العالم بأسره إلى الأشخاص المصابين بالمهق، بارزة كصوت مساند لأولئك الذين يبدون مختلفين أو غير ملائمين لمعايير الجمال المتعارف عليها في عالم عروض الأزياء.

وقد تواصلنا في الجانب المُشرق مع Xueli حتى نتمكن من معرفة المزيد عن حياتها، ونقتبس منها ما يساعدنا في إلهام الآخرين.

في الطريق إلى النجاح

عاشت Xueli بداية صعبة في الحياة. فقد كان يُنظر إلى المهق في بعض مناطق الصين على أنه لعنة أو نذير حظ عاثر. وعندما وُلدت في زمن فرض سياسة الطفل الوحيد في البلاد، تم التخلي عنها لصالح دار للأيتام، قبل أن يتم تبنيها لاحقاً وهي في سن الثالثة من العمر، من طرف عائلة هولندية.

بدأت Xueli أولى خطواتها في عرض الأزياء وهي في سن الـ 11 لصالح مصممة أزياء كانت صديقة لأمها بالتبني. كانت هذه التجربة بمنزلة انطلاقة لمسيرتها المهنية، إذ سرعان ما شرعت وكالات المواهب في التواصل معها.

“المهق” حالة وراثية تجلب معها أيضاً درجات متفاوتة من مشاكل الرؤية، و Xueli لا تزيد قدرتها البصرية عن 8 ٪ إلى 10 ٪. ولهذا السبب تغلق عينيها كثيراً أثناء التقاط الصور. وقد كشفت على صفحتها بموقع إنستغرام أن هذا يحدث معها “لأن الضوء دائماً ما يكون ساطعاً، وعندما أفتح عيني أتعرض لضغط شديد...”.

تقول Xueli إن أكثر ما أزعجها في حياتها “هو التخلي عني حين كنت طفلة رضيعة، أو استبعادي من المدرسة أحياناً لمجرد كوني مختلفة”. مؤكدة أن هذه التجارب “كانت بالطبع صعبة جداً، لكنها أيضاً جعلتني أقوى”.

على الرغم من الصرامة المعهودة في صناعة الأزياء في العالم، أصبحت Xueli عارضة ناجحة على نطاق واسع. منذ سن السادسة عشرة، تمكنت من حجز مكان لها في المطبوعات الرئيسية، بما في ذلك مجلة Vogue. كما تم عرض صورها في المتاحف، وتعاملت مع مجموعة متنوعة من ماركات الأزياء.

التقدير الذاتي وسط عالم صعب

حين سألنا Xueli كيف تحافظ على حبها وتقديرها الذاتي وسط عالم معقد مثل صناعة الأزياء، أجابت بالقول: “على الرغم من أنني أعشق عرض الأزياء، فهذا ليس هدفي في الحياة. أنا أستمتع حقاً بجلسات التصوير ولدي تجارب إيجابية حتى الآن، لكني لا أريد الاعتماد على هذا العمل فقط، أو التمسك به لأنه يمنحني التقدير”.

بعبارة أخرى، لا تنتظر Xueli الحصول على الثقة والتقدير من عالم صناعة الأزياء، لأن حبها الذاتي ينبع من الداخل. “صناعة الأزياء هي صناعة مهمة ذات معايير وشروط يصعب على كل شخص الوصول إليها. ومن الجيد أنها باتت تتقبل الآن المزيد من التنوع وتمنح الفرصة لعارضات أزياء بمختلف ألوان البشرة، وحتى لو كن غير رشيقات الجسم، أو ذوات احتياجات خاصة”.

تحطيم معايير الجمال القاسية

"كل شخص فريد من نوعه بغض النظر عن أي عامل آخر“، كما تقول عارضتنا التي تستغل صفحتها على مواقع التواصل الاجتماعي للرقي بمستوى الوعي حيال الأشخاص المصابين بالمهق وتعزيز فرص حضورهم في المجتمع. وعن هذا تقول: “يجب أن يشعر الأشخاص ذوو الإعاقة أو الذين يبدون مختلفين بشكل ما، بمزيد من الثقة بشأن ما يمكنهم القيام به وتحقيقه”.

وفي هذا السياق، لا تريد Xueli أن تقع حياتها المهنية في عرض الأزياء بوصفها فتاة شهباء فريسة للصور النمطية. “غالباً ما يتم تصوير العارضات المصابات بالمهق في صور نمطية، بهيئة الملائكة أو الأشباح وهذا يصيبني بالحزن. خاصة أنه يساهم في ترسيخ تلك المعتقدات الخرافية التي تعرض حياة الأطفال المصابين بالمهق للخطر في بلدان أخرى مثل تنزانيا وملاوي”.

وهي تريد من وسائل الإعلام أن تمنح صوتاً لأولئك الذين حرموا على مرّ التاريخ من فرصة للتعبير عن أنفسهم. “فكلما شعر الناس بأنهم مقبولون وكلما زاد إدراك المجتمع لأهمية قبول التنوع، كلما أصبحنا أكثر إنسانية”.

تقول Xueli إننا كمجتمع يمكن أن نصبح كالعائلة ونحطم معايير الجمال التي تؤذي المختلفين، من خلال اتخاذ قرار “بشراء أو عدم شراء منتجات معينة، بناءً على كيفية تعامل الشركات المنتجة مع التنوع البشري. فلا ينبغي أن نحاول وضع معايير جماعية جديدة، ولكن أن ننظر بدلاً من ذلك إلى الجمال الكامن في كل فرد”.

كيف ترون معايير الجمال السائدة في المجتمع؟ وما العمل من أجل تخطيها لمنح فرصة الظهور للأشخاص بغض النظر عن أشكالهم؟

مصدر صورة المعاينة Xueli_a/ Instagram, Xueli_a/ Instagram
الجانب المُشرق/مجتمع/طفلة شهباء نبذها الناس عند ولادتها فكبرت لتصبح عارضة أزياء شهيرة
شارك هذا المقال