الجانب المُشرق
الجانب المُشرق

ما الذي تخبرنا به وضعيات الجنين المختلفة أثناء الحمل؟

بينما ينمو الجنين داخل الرحم أثناء فترة الحمل، يمكن أن يتحرك بكثرة متخذاً عدة وضعيات مختلفة. ولهذا السبب، تصبح مراقبة وضعيته بنفس أهمية متابعة نموه ونبضه بانتظام، لأن وضع الجنين داخل الرحم ـ خاصة قبل مخاض الولادة مباشرة ـ له تأثير كبير على سلامته.

يتمنى الجانب المشرق كل التيسير والتوفيق لأولئك الأزواج المقبلين على اكتساب أعز الألقاب إلى القلب: “أمي” و"أبي". ولهذا، سنقوم اليوم بدراسة وتحليل الوضعيات المختلفة للجنين في رحم أمه، مع بيان ما تشير إليه كل وضعية، وما الذي يمكنك القيام به للتأكد من أنه في وضع آمن.

الوضعية الرأسية الأمامية

إنها الوضعية التي يتخذها معظم الأطفال قبيل مرحلة المخاض، وتعتبر بالفعل أفضل وضعية لولادة آمنة للصغير وأمه. في هذه الحالة، يكون رأس الجنين في أسفل الحوض، بحيث يواجه ظهره بطن أمه، مما يتيح له الضغط على عنق الرحم وفتحه أثناء المخاض. إذا كان الوليد يميل قليلاً إلى اليسار أو اليمين، يطلق على وضعيته اسم (LOA) الوضعية الأمامية اليسرى، أو (ROA) الوضعية الأمامية اليمنى، على التوالي.

الوضعية الرأسية الخلفية

خلال هذه الوضعية التي تسمى بالخلفية وتوصف أيضاً بـ(وضعية ظهر لظهر) يتجه رأس الطفل نحو الأسفل فيما يكون ظهره في مقابل ظهر أمه، على عكس الوضع الأمامي السابق. يصعب على الجنين في هذه الحالة أن ينزلق برأسه للمرور عبر فتحة الحوض، مما قد يتسبب في أذية ظهر أمه، وتعقيد فترة المخاض وجعلها أطول وأبطأ مقارنة بالوضعية الأمامية.

يمكن أن يكون سبب اتخاذ الجنين هذه الوضعية هو أن الأم تمضي وقتاً طويلاً في الجلوس أو الاستلقاء. ولكن بالمقابل، يمكن لها أن تدفع جنينها لاتخاذ التموضع المناسب والمطلوب، عن طريق حركات ميل متكررة نحو الاتجاه الذي تريد أن يتحرك صوبه.

الوضعية العرضية

يجد الجنين نفسه في هذا الوضع عندما يميل بشكل أفقي في الرحم، فيبدو وكأنه ينام على ظهره. عادة ما يتحول العديد من الأطفال الذين يكونون في هذه الحالة، إلى وضع رأسي سليم، مباشرة قبل المخاض. ولكن بعضهم لا يفعلون ذلك، في حالات استثنائية. وكلما اقترب موعد الولادة وزاد الأمر تعقيداً، يضطر الطبيب إلى إجراء عملية توليد قيصرية. إذ بدونها، قد يتضاعف خطر تدلي الحبل السري مبكراً قبل ولادة الجنين.

الوضعية المقعدية

في هذه الوضعية، يكون رأس الطفل متجهاً للأعلى بدلاً من الأسفل، داخل حوض أمه. إنه وضع آمن تماماً للطفل أثناء وجوده في الرحم، لكنه قد يصبح خطيراً أثناء المخاض والولادة. هناك عوامل عديدة يمكن أن تكون السبب وراء وضعية كهذا، مثل شكل الرحم أو كمية السائل الأمنيوسي داخله.

في حالة النساء اللواتي يحملن أكثر من جنين واحد، هناك احتمال كبير لوجود أحد التوائم في وضعية المجيئ المقعدي، بينما يتخذ الآخر وضعية مختلفة. هناك أشكال متنوعة لهذه الوضعية، ومنها المجيئ المقعدي الكامل، حيث تحاذي أقدام الجنين منطقة أردافه. والمجيئ المقعدي القدمي والذي يتسبب في خروج أرجل الجنين أولاً عند الولادة.

هل يمكن تغيير وضعية الجنين؟

ليس من الغريب أن يتغير وضع الجنين أثناء وجوده داخل رحم أمه. وفي الواقع، فإن معظم الأطفال يحولون أنفسهم بشكل طبيعي إلى الوضعية الرأسية بعد مرور 36 أسبوعاً من الحمل. ومن المعروف كذلك أن بعض الأطفال يبدلون وضعهم قبيل المخاض. ومن أجل تهييئ الطفل الذي يكون في وضع المجيئ المقعدي للولادة، قد يقوم الطبيب أو القابلة باللجوء إلى تقنية تسمى "النسخة الرأسية الخارجية"، حيث يعملان على إدارة الطفل يدوياُ (عن طريق الضغط على بطن الأم مع مراقبة نبض الجنين).

زعمت دراسة أجريت سنة 2005، أن هناك القليل من الأدلة على أن نساء تمكنَّ من تغيير وضعية الجنين في بطونهن من خلال ممارسة مجموعة من التدريبات المرتكزة على الركب والأيدي. غير أن التمرين الرياضي يخفف من شعور الأم بآلام في الظهر. كما يمكن لسلوكيات بسيطة، مثل المشي لمدة نصف ساعة في اليوم، أو السباحة بانتظام، أو الجلوس على كرة طبية بدلاً من الكرسي، يمكنها أن تساعد النساء على تحمل الوزن الزائد أثناء الحمل والحفاظ على صحتهن وسلامتهن.

يؤمن بعض الناس أن المرأة الحامل يمكن أن تمارس تمارين وحركات معينة، لمساعدة طفلها على اتخاذ الوضع المثالي قبل موعد الولادة. ولعل أكثر التمارين شهرة في هذا المجال هو "الشقلبة الأمامية"، والمعروفة أيضاً باسم وضعية الأطفال، حيث تعتمد بالأساس على الارتكاز على اليدين والركبتين، ثم التأرجح للخلف والأمام لمدة تراوح 10 إلى 15 دقيقة. وقد تلجأ بعض النساء إلى تلك الحركة بشكل مختلف، عن طريق رفع الجزء الخلفي للجسم وخفض الأمامي (بالاستعانة بكرسي مثلاً)، وذلك من أجل استرخاء عضلات الحوض وتخفيف السحب الناتج عن الجاذبية داخل الرحم.

لا ينتطح عنزان في أهمية استشارة طبيبك بانتظام ومراقبة وضع طفلك خلال فترة الحمل. ما هي التقنيات التي قد تجربينها لتحسين وضعية طفلك داخل الرحم؟ وهل هناك طرق وإجراءات أخرى سمعت عنها من ذي قبل؟ نبئينا عنها في قسم التعليقات أدناه!

Illustrated by Mariya Zavolokina من أجل الجانب المُشرق
شارك هذا المقال