لماذا هجرت آلاف النساء الكعب العالي ولجأن للأحذية الرياضية؟

شهدت بعض الدول الآسيوية في العصور الوسطى انتشار عادة “جمالية” غريبة، إذ كانوا يلفون أقدام الفتيات بضمادات ضيقة لإيقاف نمو أقدامهن، ما أدى إلى الآف الإصابات والمشكلات الصحية. هل تعتقد أن الأمر اختلف كثيراً في الوقت الحاضر؟ لا تزال الكثير من الشركات والمؤسسات تطلب من الموظفات قضاء 5 أيام على الأقل في الأسبوع مرتديات أحذية تشوه أقدامهن. نعم، نتحدث عن الأحذية ذات الكعب العالي. لكن هناك اتجاه إيجابي، يتمثل في ميل الكثير من النساء اليوم إلى التخلي عن الكعب العالي، والذهاب إلى العمل أو المناسبات الاجتماعية بأحذية رياضية مريحة.

حاولنا اليوم في الجانب المُشرق استكشاف الاتجاهات الحالية في موضات الأحذية في الأماكن والمناسبات التي تتطلب لباساً رسمياً. وقد وجدنا أفكاراً مثيرة للاهتمام.

هل النساء ضد الكعب العالي؟

أولاً، توقفت النساء عن قبول تشويه وإصابة أقدامهن، لمجرد التوافق مع معايير الجمال في المجتمع.

هزت حملة يابانية على الإنترنت بعنوان #KuToo العالم مؤخراً. وطالبت يابانيات عبرها أصحاب ومديري المؤسسات السماح لهن بارتداء أحذية رياضية أو أحذية مريحة ذات نعلٍ مستوٍ في المكاتب وأماكن العمل.

تحتوي عبارة KuToo على عدة رسائل خفية بشكل مقصود، فهي مزيج من اسم الحركة العالمية “أنا أيضاً” #MeToo، والكلمات اليابانية kutsu (التي تعني "أحذية“)، وkutsuu (التي تعني “ألم”).

حتى نجمات هوليوود مستعدات للتخلص من أحذية الكعب العالي غير المريحة

أثبتت بعض الممثلات اللواتي يتوجب عليهن الظهور على السجادة الحمراء بكعب عالٍ استعدادهن أيضاً لإخبار الجميع بمدى الألم وعدم الراحة اللذان يشعرن به. خلال مهرجان كان السينمائي عام 2018، خلعت كريستين ستيوارت حذاءها أمام بعض المصورين الذين اعترتهم الدهشة.
كما تخلصت الممثلتان تيفاني هاديش ومايا رودولف من حذاءيهما ذوي الكعب العالي أيضاً. وخلال حفل توزيع جوائز الأوسكار لعام 2018، صعدت تيفاني ومايا على المسرح لتسلم جائزة أفضل فيلم قصير، وكانت إحداهما حافية القدمين والأخرى ترتدي خفاً، وهما تحملان حذاءي الكعب العالي في أيديهما.

يدعم الأطباء هؤلاء النساء المتمردات

يواصل الأطباء تذكير النساء بأن ارتداء الكعب العالي غالباً ما يؤدي إلى مشكلات صحية خطيرة محققة. يتسبب وضع القدم غير الطبيعي في تغير مركز جاذبية الجسم، فيحمل الجزء الأمامي من القدم وزناً أكبر من المفترض، وتصبح العضلات مشدودة للغاية، ما يجعل النساء أكثر عرضة للإصابة بالتهاب المفاصل، والفصال العظمي، والتورم، والأقدام المسطحة، والدوالي، إلى جانب مشكلات خطيرة في الظهر.

بالنسبة للنساء اللواتي لا يفضلن التخلي عن الأحذية ذات الكعب العالي، يوصي الأطباء بما يلي:

• اختيار الأحذية ذات الكعب السميك: هذه الأحذية أفضل إلى حد ما في توزيع الوزن على القدم، كما أنها تقلل من خطر التواء الكاحل.
• تجنب ارتداء الأحذية ذات المقدمة الضيقة التي تضغط وتشوه أصابع القدم.
• اختيار الأحذية ذات القياس المناسب لقدمك بالضبط، لمنع القدم من الانزلاق للأمام والخلف (هذا الاحتكاك يسبب تكون مسمار القدم والجروح الأخرى التي قد تنزف).
• القيام بتمارين لتقوية عضلات الكاحلين والساقين (على سبيل المثال، يمكنك محاولة الحفاظ على توازنك على كل ساق بمفردها لمدة 30 ثانية).

مبيعات الأحذية الرياضية في ازدياد

يبدو أن تجارة الأحذية الرياضية تزدهر. في عام 2014، كسبت شركة نايكي أكثر من 16 مليار دولار من بيع الأحذية الرياضية، وكسبت شركة أديداس أكثر من 8 مليارات دولار. وفي عام 2018، كسبت الشركتان نفساهما 22 و12 مليار دولار على التوالي.

في الوقت نفسه، تستمر مبيعات الأحذية ذات الكعب العالي في الانخفاض، إذ انخفضت بنسبة 11٪ في سنة 2017 لوحدها.

والسبب في ذلك هو تغير موقف نساء أكثر تجاه راحتهن. كما أن القيود الاجتماعية “المفروضة” على اللباس أصبحت أخف وأكثر مرونة في الوقت الحالي. في الماضي، كان ارتداء حذاء رياضي مع فستان صيفي خفيف يُصنف ذوقاً سيئاً، أما اليوم فتعتبر هذه إطلالة عصرية مقبولة للغاية.

ما الذي أدى إلى القفزة الكبيرة في شعبية الأحذية الرياضية حديثاً؟

يلعب المسوقون دوراً كبيراً في تغيير الثقافة. وعلمونا أن ننظر إلى الأحذية الرياضية كما لو كانت قطعاً فنية. نتيجة لذلك، أنتج العالم الكثير من الأحذية المريحة بكميات كبيرة، مع مراعاة الشكل الرائع والراحة، فتبدو أنيقة وتوفر راحة كبيرة لمرتديها.

كما أن هناك أحذية رياضية متصلة بالثقافات الفرعية والثقافات البديلة. فعلى سببيل المثال، هناك أحذية رياضية مخصصة لأحداث مهمة (مثل الألعاب الأولمبية في لندن). في ربيع عام 2019، أصدرت شركة أديداس سلسلة من الأحذية الرياضية التي تحتفي بمسلسل لعبة العروش Game of Thrones، بمناسبة انتهاء عرض المسلسل الذي كان قد استمر لمدة 8 مواسم. والآن يمكن لعشاق المسلسل شراء موديلات من الأحذية على طراز بيت لانيستر أو بيت تارغاريان.

الأحذية الرياضية كنمط حياة

في الوقت الحاضر، أضحى بإمكانك شراء أي طراز من الأحذية تريدينه تقريباً، سواء كان أبيض كلاسيكياً، أم حذاءً ذا لون جنوني يتناسب مع لون شعرك أو أظافرك، أم ثالثاً ذا نعل سميك، أم آخر به ثقوب. كما يمكنك ارتداء حذاء ذي أربطة، أو آخر مصنوع من جلد الزغب، وغيرها الكثير.

وبالطبع هناك موديلات حصرية خاصة يبحث عنها هواة اقتناء الأحذية الرياضية (نعم، هناك أشخاص يبحثون عن أحذية رياضية غير عادية أو عصرية للغاية). إنهم ينتظرون بصبر الإصدار الجديد لسلسلة معينة من الأحذية، ولهم مجتمعات مغلقة يشاركون فيها هوايتهم، ويشاركون في معارض مخصصة للأحذية الرياضية المميزة مثل Sneakercon.

واظب بعض المولعين بالأحذية الرياضية على جمعها لسنوات طويلة، حتى تكونت لديهم مجموعات ضخمة تصل قيمتها إلى 500 ألف دولار.

من الفائز إذن، الكعب العالي أم الحذاء الرياضي؟

بشرى سارة للعملاء الدائمين للأحذية الرياضية: ستصبح هذه الأحذية أكثر راحة وصديقة للبيئة. منذ عام 2012، أصبحت الأحذية الرياضية المغزولة التي صنعت قبل الألعاب الأولمبية في لندن شائعة للغاية. الجزء العلوي من هذه الأحذية الرياضية مصنوع من خيوط مغزولة.

هناك اتجاه آخر سريع التطور في إنتاج الأحذية وهو الطباعة ثلاثية الأبعاد. أصبح ممكناً اليوم صنع أحذية تناسب قدمك تماماً بفضل هذه التقنية.

في المستقبل، من المحتمل أن تصبح الأحذية ذات الكعب العالي غير المريحة ذكرى من الماضي البعيد، لكن من الصعب اختفاءها بالكامل من عروض الأزياء. قدمت المصممة آيريس فان هيربر مؤخراً أحذية كريستالية فريدة من نوعها في أسبوع الموضة في باريس. لم تكن مطبوعة بالتقنية ثلاثية الأبعاد فحسب، بل قطعت بالليزر أيضاً.

ما الذي تفضلين ارتداءه؟ الأحذية الأنيقة ذات الكعب العالي أم الأحذية الرياضية المريحة؟