ما الذي يحدث لجسمك عندما تنام في مكان جديد؟
إن كنت قد قضيت ليلة واحدة من قبل في فندق، أو في منزل أحد الأصدقاء، أو أي مكان غير منزلك، فإنك على الأرحج تعرف مدى صعوبة أن تغفو وتنام جيداً في مكان ليس غرفتك المعتادة. أجرى العلماء تجارب اتضح من خلالها أن لهذه الظاهرة الغريبة تفسير علمي مقنع.
دُهشنا في الجانب المُشرق مما اكتشفه العلماء، وها نحن نود مشاركة استنتاجاتهم مع مجتمع قرائنا.
لا يعلم العلماء إلى حد الآن سبب حاجتنا للنوم
قبل أن ننتقل للحديث عن الاستنتاجات التي خلص إليها الباحثون، نود أولاً التفكير في السؤال الأساسي: لماذا نحتاج إلى النوم في المقام الأول؟ ستندهش لمعرفة أن العلماء أنفسهم لم يكتشفوا إلى الآن سبب حاجة البشر والحيوانات إلى النوم. تقول بعض النظريات أن تعافي خلايا الدماغ والعضلات من ضمن الأسباب التي تجعل النوم مهماً لأجسامنا.
بغض النظر عن تأثيرات النوم المفيدة علينا، إلا أنه في الواقع عملية غير مريحة من الناحية التطورية. يتوقف الدماغ عن العمل لساعات عدة في الإنسان، ويفقد الحيوان أيّ قدرة على تمييز الخطر وحماية نفسه خلال نومه أيضاً. لذلك فإن عدداً من الحيوانات، مثل الحيتان والدلافين، طورت نوم الأمواج البطيئة الفصّيّ، وهو حالة يتوقف فيها نصف الدماغ عن العمل، فيما يبقى النصف الثاني يقظاً. وطوّر البشر حالة مشابهة.
يتأثر جسمك بالبيئة الجديدة
صعوبات النوم التي تواجهها عندما تكون في مكان جديد تسمى ’تأثير الليلة الأولى’. وهذه الظاهرة شائعة نسبياً، وتعتبر مجالاً مهماً للباحثين في علوم النوم. ومع ذلك، لم نتوصل إلى فهم منطقي لأسباب حدوثها إلى أن ظهرت دراسة أجراها علماء من جامعة براون. وجد العلماء بالدليل العلمي أسباب حدوث هذه الظاهرة.
اتضح من التجربة أن دماغك ينظر إلى المكان الجديد على أنه بيئة خطيرة عليك، فلا يسمح لك بالنوم جيداً. بمعنى آخر، نواجه صعوبة في النوم لأننا نتصرف مثل الدلافين: عندما ننام في مكان جديد، يرتاح نصف الدماغ فقط فيما يبقى الآخر يقظاً. يقول يوكو ساساكي، وهو أحد العلماء من جامعة براون، أن أدمغتنا قد تحتوي على جهاز ضبط صغير مشابه لما في الدلافين والحيتان.
أثبتت التجربة اضطراب النوم
جمع فريق من علماء جامعة براون ٣٥ متطوعاً يتمتعون بصحة جيدة، ودعوهم لقضاء ليلتين في مختبر مجهز، بفارق أسبوع بين الليلة الأولى والثانية، ودرسوا نشاط أدمغتهم.
لاحظ العلماء اختلافاً في عمق النوم بين الجزء الأيمن والأيسر من الدماغ. حيث لم يكن فصّ الدماغ الأيسر نائماً بعمق مماثل للأيمن. بل كان حساساً أكثر للأشياء الغريبة، وبالتالي لأصوات الأخطار المحتملة. أما بعد أسبوع وخلال الليلة الثانية في المختبر، لوحظ أن كلا فصيّ الدماغ كانا في نوم عميق بذات القدر تقريباً.
نصائح العلماء للتغلب على تأثير الليلة الأولى
على الرغم من أن تأثير الليلة الأولى قد يبدو ممتعاً عند تفسيره، إلا أنه يسبب المتاعب لمن يختبرونه كثيراً. قد يؤدي عدم الحصول على قسط كاف من النوم إلى البدانة، وارتفاع ضغط الدم، والسكري. لكن المشكلة ليست عصيّة على الحل. يعتقد العلماء أن بإمكاننا تدريب أدمغتنا على مقاومة ظاهرة الليلة الأولى. يشرح يوكا ساساكي الأمر قائلاً: ’الدماغ البشري سهل التكيّف’.
تمكن الباحثون من التوصل إلى عدد من الخدع العملية التي تساعد في التغلب على تأثير الليلة الأولى وتمكنك من النوم دائماً، بغض النظر عن المكان الذي تمكث فيه. وبما أن ظاهرة الليلة الأولى مرتبطة بالنوم في مكان جديد عليك، يصبح هدفك أن تجعل هذا المكان مشابهاً لغرفتك.
أحضر معك شيئاً اعتدت عليه، مثل وسادتك، أو بيجامتك المفضلة، أو مشروب اعتدت على شربه قبل النوم.
التزم بروتين نومك: حاول أن تذهب إلى النوم في الوقت نفسه الذي اعتدت عليه، واتبع طقوسك المعتادة قبل النوم في منزلك.
حاول أن تجعل المكان المحيط بك مألوفاً قدر الإمكان: حاول حجز غرفة فندقية بحجم غرفتك مثلاً، قد يكون من الغريب أن تنام على سرير مفرد في حال كنت تنام على واحد مزدوج في المنزل.
هل مررت بتأثير الليلة الأولى من قبل؟ كيف تغلبت عليه؟