قصة ستانلي توتشي وفيليسيتي بلانت تؤكد أن الحب ممكن رغم الشعور بفقدان أحد المقربين
يقول الناس إن الحب يمنح المرء القوة لتخطى الصعوبات. وفي حالة ستانلي توتشي، الذي انفطر قلبه بعد أن فقد زوجته الأولى وصار أباً عازباً لثلاثة أطفال، فإن الوقوع في الحب مرة أخرى كان يعني بداية جديدة. لم تمنحه شجاعته الفرصة لاستعادة الشعور بالسعادة مرة أخرى فحسب، لكنها أيضاً منحته القوة التي احتاجها كي يتغلب على مشكلة كبيرة أخرى، وهي صراعه مع مرض السرطان.
نحب في الجانب المُشرق قصص الحب التي تلهم الجميع لمواصلة سعيهم نحو السعادة. لذا أردنا مشاركة هذه القصة تحديداً معكم لأنها تذكرنا أن الحب قد يجعل حياة المرء أفضل، بغض النظر عن المشكلات التي نواجهها.
كان ستانلي توتشي يعيش ذروة حياته المهنية وبجواره زوجته كاثرين “كيت” توتشي عندما حضرا العرض الأول لفيلم The Devil Wears Prada قبل ثلاث سنوات من مروره بواحدة من أقسى لحظات حياته، كانت كيت حينها قد علمت حديثاً أنها مصابة بمرض سرطان الثدي.
في ذلك اليوم، حين كان الزوجان يستمتعان بوقتهما على السجادة الحمراء برفقة بقية أعضاء فريق عمل الفيلم، التقيا بشقيقة إيميلي بلانت، التي ستدخل حياة ستانلي بعد ذلك بسنوات وستصبح حبه الجديد وداعمته الأولى.
في 2009 كانت كيت على موعد مع نهاية معركتها مع السرطان بوفاتها. وبرغم الألم الكبير الذي شعر به ستانلي عند موتها، إلا أنه نجح في تخطي تلك الفترة برفقة أطفاله الثلاثة كاميلا ونيكولو وإيزابيل. وفي حفل زفاف إيميلي بلانت وجون كرازينسكي في يوليو 2010، التقى بفيليستي شقيقة إيميلي مرة أخرى.
ستانلي، العاشق للطعام، انبهر من شهية فيليستي. حيث قال: “لم أر شخصاً نحيفاً يستمتع بالطعام بهذا القدر من قبل قط”. لذا شرعا يتحدثان عن حبهما للطهي واتفقا أن يتقابلا مرة أخرى لاحقاً ليتناولا بعض الأطباق معاً.
في أول موعد بينهما ذهبا إلى مطعم صغير، وبرغم أن الطعام لم يكن رائعاً، إلا أنهما قضيا وقتاً جميلاً معاً. لذا ذهبا إلى مكان آخر بعدها. وبعد أربع ساعات، لم يستطع ستانلي أن يأكل المزيد، لكن فيليستي كانت لا تزال شهيتها مفتوحة وطلبت وجبة أجبان متنوعة. قال ستانلي: “رأيت هذا مذهلاً”.
ذكر ستانلي أن الاستمتاع بالطعام في نظره لا يتعلق بالمذاق فحسب، لكنه يتعلق أيضاً بمعرفة الناس من خلال الطعام. لذا لم يكن من الغريب أن يرتبط بفيليستي. بعد أن التقيا عدة مرات لتذوق الطعام، شرعا يطهيان معاً حين زارت فيليستي ستانلي في منزله بالولايات المتحدة.
لم يستغرق ستانلي وقتاً طويلاً ليدرك أن قلبه قد أحب مرة أخرى. في 2011، تقدم ستانلي للزواج من فيليستي على متن رحلة إلى برلين. لكن بعد أن عُقدت خطبتهما، شعر ستانلي بالفزع، لأنه أحس بالذنب حين تذكر زوجته الراحلة كيت. فسر ستانلي ذلك بقوله: “كان من الصعب للغاية أن نذهب لقضاء عطلة في البداية، كان الذهاب مع فيليستي إلى مكان ما أمر معقد. شعرت بالذنب”.
لكنه لم يدع الشعور بالذنب يتغلب على حبه. تزوج الحبيبان بعد ذلك بعام في حفل خاص. وبعد بضعة شهور، أقاما احتفالاً كبيراً، كانت إيميلي بلانت فيه هي وصيفة العروس.
بعد حفل الزواج، قرر ستانلي الانتقال إلى القارة الأوروبية وبدء حياة جديدة في لندن. قال ستانلي في إحدى المقابلات التلفزيونية: “لم أرد العيش في ويستشيستر أكثر من ذلك. بمجرد وفاة زوجتي الأولى، وجدت نفسي وحيداً وماذا كنت أفعل؟ كان هذا هو الاختيار الأفضل لي”.
بالإضافة لذلك، اعترف ستانلي بالتحدي الذي واجهته فيليستي حين أصبحت زوجة الأب لثلاثة مراهقين. ومع ذلك تقبلت الأمر بصدر رحب. قال ستانلي عن ذلك: “إنها تعتني بالأطفال وكأنهم أطفالها”. كبرت العائلة بعد ذلك بميلاد كلا من ماتيو وإيميليا.
وبرغم إحساس ستانلي بالسعادة مرة أخرى، إلا أنه عانى لمدة سنتين من آلام شديدة في الفك. وشخص الأطباء حالته في 2017 أنه أصيب بمرض سرطان اللسان. اضطر ستانلي إلى الخضوع إلى العديد من جلسات العلاج الكيميائي لأن الورم كان كبيراً للغاية. بالإضافة لذلك، لم يتمكن في تلك الفترة من تناول الطعام، لذا اعتمد على أنبوب للتغذية.
كانت هذه أيضاً فترة صعبة في حياة العائلة. يتذكر ستانلي هذا الوقت قائلاً: “كان الأطفال بخير، لكنها كانت فترة صعبة عليهم. كنت أتناول الطعام عبر أنبوب لمدة 6 شهور. حضرت حفل تخرج التوأم في المدرسة الثانوية بصعوبة شديدة”.
كانت هذه الفترة بمثابة ضربة قوية لمعنويات الأسرة. لكن زوجة ستانلي المحبة وقفت بجانبه. تحدث ستانلي عن فيليستي وذكر أنها كانت بجواره خلال أصعب فترة في حياته. إذ قال: “اهتمام فيليستي الكبير ومحبتها وتشجيعها لي ساعدوني على تخطي فترة المرض”
تعمل فيليستي وكيلة أدبية، كما أنها شغلت وظيفة مدير أعمال ستانلي في أحد أهم مشاريعه، وهو نشر كتاب له يشارك فيه تجربته مع مرض السرطان وحبه للطعام ووصفات الطهي التي يجيدها.
عانى ستانلي من مشكلات في التذوق أثناء فترة العلاج، وفقد شهيته وظهرت قرحاً في فمه. لكن الحظ وقف إلى جانبه، واستعاد قدرته على التذوق مرة أخرى رغم ضعف نسبة حدوث هذا. قال ستانلي عن هذا الأمر: “حين تُجبر على العيش من دون أحد الأشياء التي تحبها، فإن ذلك يشبه شعور العيش من دون أحد الأشخاص الذين تحبهم. حينها تقدر الأمر كثيراً حين تستعيد هذا الشيء أو حين تكون محظوظاً بما يكفي لاستعادة هذا الشيء”.
نرى حالياً كيف يشارك ستانلي شغفه على وسائل التواصل الاجتماعي، إذ يعلّم متابعوه مختلف وصفات الطهي بمشاركة فيليستي، التي لم تستمر في مساعدته في الطهي فحسب، لكنها أيضاً أثبتت أن الحياة قد تكون أجمل كثيراً حين نجرؤ على الحب مرة أخرى.
من هو الشخص الذي يقف بجوارك دائماً حين تحتاج إلى مساعدته؟ وإذا كنت قد أحببت مرة أخرى بعد أن انفطر قلبك، كيف كانت هذه التجربة؟