قصة أشهر نبيلات العالم: تخلت عن ثروة خيالية لأبنائها مقابل حقها في الزواج!
في السنوات الأخيرة من حياتها، ظهر اسم دوقة ألبا، النبيلة كاياتانا، بانتظام في وسائل الإعلام. وقد تعمدت بعض المقالات السخرية منها تحت عناوين من قبيل: امرأة في الـ85 من عمرها تتزوج رجلاً يصغرها بـ 24 عاماً! ونسي الجميع أن هذه المرأة أكثر من مجرد مادة دسمة لأخبار الفضائح. إنها راقصة فلامنكو تمكنت من ترميم أحد أجمل القصور في مدريد، وامرأة وقعت في الحب وتخلت عن كنوز الدنيا مقابل سعادتها.
يجزم الجانب المشرق أن الدوقة تستحق كتاباً أو فيلماً كاملين لسرد قصة حياتها، لكن كل ما يمكننا فعله الآن هو نشر مقال يتناول بعض جوانب حياتها.
الطفولة والشباب
كانت ماريا ديل روزاريو كاياتانا فيتز-جيمس ستيوارت سيلفا، الابنة الوحيدة لجاكوبو فيتز-جيمس ستيوارت، دوق ألبا السابع عشر والصديق المقرب لملك أسبانيا ألفونسو الثامن. كان جاكوبو في سن الـ42 عندما تزوج فيكتوريا يوجين، سليلة العائلة الملكية، وهي في العشرين من عمرها، وبعد 6 سنوات أنجبا بنتاً. وكان الوريث يحلم بإنجاب وريث له، لكن زوجته سرعان ما اصيبت بمرض السل! ولحماية ابنتها من العدوى لم تسمح لابنتها من الاقتراب منها. ولذلك لم تكن لدى كاتايانا الكثير من الذكريات عن أمها الدوقة الشابة التي توفيت عام 1934.
عندما كانت كاياتانا في العاشرة من عمرها، اضطر جاكوبو إلى الهرب من إسبانيا برفقتها. ثم إن الجنرال فرانكو سرعان ما وصل إلى السلطة، فعرض على جاكوبو أن يصبح سفيراً لبلاده لدى المملكة المتحدة، وهو ما قبل به هذا الأخير.
تتذكر الفتاة جيداً أيام القصف الليلي على لندن واللجوء إلى الطابق السفلي أثناء الغارات. كما أن طقس مدينة الضباب لم يعجبها، وطالما حلمت بالعودة إلى وطنها الأم، ولم تتخيل حياتها في أي مكان آخر سواه!
تملك كاياتانا ألقاباً أكثر من أفراد العائلة المالكة البريطانية. لذلك سرَت شائعات بأنه يتعين على الملكة أن تنحني أمام الدوقة! لكن هذا غير دقيق لأن اللقب الملكي هو الأشرف والأعلى بامتياز! أما الدوقة، فتنتمي إلى سلالة ملكية بالتأكيد، لكنها اعتادت الانحناء لتحية أفراد العائلة المالكة!
في سن الـ16، وقعت كاياتانا في حبال الحب لأول مرة في حياتها. حيث قابلت في إحدى رحلاتها إلى إسبانيا، مصارع الثيران الشهير بيبي لويس فاسكيز. أحبها هذا الشاب بدوره حباً جماً وأراد أن يتزوجها بعدما بلغت سن الـ18، لكن والدها عارض هذه العلاقة وأرسل ابنته إلى لندن مباعداً بينهما!
زواجها الأول، 6 أبناء، الفلامنكو، ولوحة فاشلة من بيكاسو
لم تكن كاياتانا امرأة بجمال تقليدي! لكنها كانت جذابة بشفاهها الممتلئة وشعرها الجميل وخصرها النحيل. كما تميزت بقدرتها على جعل الرجال يفقدون عقولهم بمجرد رؤيتها! وقد اختارت الزواج بـ لويس مارتينيز دي إيروخو، المهندس وسليل عائلة إسبانية نبيلة، بعد موافقة والدها عليه لِنَسبه.
لم يكن الزواج مدبراً، وكان الزوجان سعيدين ومغرمين ببعضهما البعض. وأنفق دوق ألبا 300000$ (تساوي اليوم حوالي 3.8 مليون دولار) على حفل الزفاف الذي أقيم سنة 1947، في وقت كانت فيه إسبانيا وأوروبا عموماً تمران بفترة عصيبة من الناحية الاقتصادية. ومن المفارقات، أنه بعد شهر واحد، احتفلت الملكة إليزابيث بزفافها الذي بدا أقل تكلفة وبذخاً من حفل زفاف الدوقة الفاتنة! ونتج عن هذا الزواج 5 أبناء وابنة واحدة كانت هي طفلتها المدللة. وكان من الممكن أن يكون عدد أفراد الأسرة أكبر من ذلك بكثير، لولا أن الشابة تعرضت للإجهاض 5 مرات!
رغم كون كاياتانا زوجة وأماً مشغولة، إلا أنها كانت مفعمة بالحيوية والنشاط! فقد عشقت رقص الفلامنكو وأتقنته أكثر من أي شخص آخر في إسبانيا! وأثارت هوايتها هذه شائعات بأن ابنها فرناندو الرابع، هو ابن الراقص أنطونيو إل بايلارين. لكنها أنكرت هذه الأقاويل جملة وتفصيلا! وواصل زوجها دعمه لها في هوايتها ولم يلق لتلك الشائعات بالاً!
ولكن عندما أرادت أن يرسم بابلو بيكاسو صورة لها وهي عارية (سبق أن رسم الفنان غويا لوحة لجدتها الكبرى)، اعترض زوجها على ذلك بشدة! وقد شعرت كاياتانا بندم شديد على رغبتها تلك، لازمها لبقية حياتها!
عاشت كاياتانا مع لويس لحوالي 26 عاماً قبل أن يُتوفى بسرطان الدم. ولم تُرد الاطلاع على تشخيص حالته المرضية حتى آخر أيامه!
تزوجت بكاهن سابق
في سنة 1978، تزوجت الدوقة مجدداً وعمرها 52 عاماً من الكاهن السابق خيسّوس أغويرّي البالغ من العمر 41 عاماً، بعد أن ترك الكهنوت بسبب تأثره بالأفكار الاشتراكية. وكانت هذه العلاقة الجديدة موضع انتقادٍ من طبقة النبلاء، لكن الملك الشاب آنذاك، خوان كارلوس، لم يستطع قول “لا” للنبيلة الإسبانية وأعطى موافقته على إتمام هذا الزواج! وعاش الزوجان معاً لمدة 23 عاماً قبل أن يموت الزوج، مرة أخرى، جراء داء السرطان!
حاولت الدوقة علاج آثار الاكتئاب الذي خلفه رحيل زوجها بالجراحات التجميلية، لكن ذلك لم ينجح في تحسين شكلها. لذلك بدأت كاياتانا بالهروب من الشيخوخة باختيار أزياء غاية في الغرابة! أحبها الشعب الإسباني قاطبة، لكن أبناءها اتهموها بالتصرف بشكل غير لائق! وتُعرف بأنها "ابنة الأندلس البارة"، لأنها دعمت إشبيلية وكانت فخورة بثقافة المنطقة على الدوام، ولأنها استمرت في رقص الفلامنكو، رغم آلام الساق التي عانت منها، وهي في عمر السبعين!
حب الدوقة الأخير
يعزى الفضل لألفونسو دياز، الذي عرف الدوقة لأكثر من 30 عاماً، في إنقاذها من الاكتئاب! كان ألفونسو موظفاً يصغر كاياتانا بـ 24 عاماً، لكنه وقع في حبها بل، وطلب منها الزواج! وافقت كاياتانا، لكن طبقة النبلاء بأكملها وقفت في وجهها من جديد! وكان أبناؤها في قمة الاستياء هذه المرة، لاعتقادهم أن ألفونسو كان يسعى للاستيلاء على أموال العائلة وحسب!
وقد دأبت وسائل الإعلام على تشويه سمعة الرجل والسخرية من الدوقة المسنة! وقد تردد ملك إسبانيا في الموافقة على الزواج في البداية، غير أنه وافق لاحقا، لمكانة الدوقة المرموقة في أوساط النبلاء. لكنه وضع شرطاً واحداً حتى تتم هذه الزيجة: أن يُمنحَ حقُ إدارة أملاك عائلة ألبا، حصرياً لورثة الدوقة المباشرين!
في سنة 2011، تنازلت كاياتانا عن ثروتها كاملة (حوالي 3.5 مليار دولار) لفائدة أبنائها وتزوجت ألفونسو! ورقصت العروس ذات الـ85 عاماً في حفل زفافها رقصة الفلامنكو! كما أثبت الزوج الشاب بأنه لم يكن يطمع بأموال الدوقة، إذ كان هو من أقنعها بإجراء المزيد من الجراحات التجميلية، في وقت كانت تستعين فيه بالكرسي المتحرك في تنقلاتها!.
تمكنت الدوقة بعد الجراحة من المشي بمفردها، حتى إنها رافقت زوجها إلى جزيرة إبيزا الشهيرة بلياليها الصاخبة، حيث لفتت أنظار المصورين بالبيكيني المزركش. ولم تتوقف كاياتانا عن ارتداء الملابس الزاهية والمثيرة حتى آخر أيامها: ارتدت فستاناً باللون الأحمر الغامق مع جوارب نسائية ملونة، وتنانير قصيرة، وجوارب شبكية... وصرحت ذات مرة بأنها تشعر بعنفوان الشباب وأنها ترتدي بالضبط ما يعبر عن هذا الشعور!
لسوء الحظ، لم يستمر هذا الزواج سوى لـ3 سنوات فقط. ففي أحد الأيام، تم نقل الدوقة إلى المستشفى للعلاج من التهاب رئوي والتهاب حاد على مستوى المعدة والأمعاء، وقد رفضت المبيت في المستشفى ذلك اليوم، رغم إدراكها لمدى لخطورة حالتها وضعف جسمها حينئذ، وفي العشرين من نوفمبر 2014، فارقت هذه النبيلة المتمردة الحياة وخلفت وراءها شهرة ما تزال على ألسن الناس تُذكر!
ما رأيك في قصة كاياتانا؟ هل أنت ممن يدعمونها أم ممن ينتقدون بعضاً من تصرفاتها؟