12 معلومة لا يعرفها الجميع عن مدينة البتراء المنحوتة في الصخور
البتراء مدينة قديمة منحوتة في الصخور، تقع في الأردن، ويغطي أغلبها رمال الصحراء. ليس من السهل أبداً الوصول إلى هذه المدينة الساحرة، حيث يجب المرور عبر أخدود ضيق لدخولها، ولكن هذا لا يقف في وجه فضول السائحين الراغبين في زيارة هذا الموقع الفريد.
تسحرنا في الجانب المُشرق كثيراً أسرار المدن الخفية في أعماق المكان والزمان. البتراء إحدى هذه المدن الغامضة التي تجعل الكثير من التساؤلات تطرح على الذهن عندما نفكر فيها.
من الذي بنى هذه المدينة ومتى؟
هجرت مدينة البتراء لسنوات طوال، ولكن منذ آلاف السنين كانت المدينة عامرة وتضج بالحياة مثل أي مدينة أخرى. فقد كانت مركزاً تجارياً ضخماً على مفترق الطرق مباشرةً. كان الحرير، والبهارات، والأعشاب ينقل من الهند إلى الجزيرة العربية، وأفريقيا، ومصر، وإليها. وقد كان ذلك سبباً في ثراء الكثيرين من سكان البتراء ثراءً فاحشاً.
لا يعرف على وجه التحديد متى بنيت هذه المدينة، لكننا نعرف أن البتراء كانت عاصمة مملكة الأنباط. وفقاً لبعض الإحصائيات، فقد عاش في البتراء، في زمن مجدها، ما يقرب من 20,000 شخص.
كيف يمكن أصلاً نحت مدينة في الصخور؟
حفرت واجهات المباني في جدران الأخدود مباشرةً، وهي حقاً مثيرة للذهول. ومهارة النحت تظهر مدى تطور تلك الحضارة وحرفية بنائيها.
يسمى المدخل الرئيسي بالخزنة، وقد أطلق عليه هذا الاسم سكان البدو الذين كانوا يعتقدون أن جميع الثروات مخزنة بالداخل. البوابة منحوتة من حجر الورد، ولهذا السبب تسمى مدينة البتراء أيضاً بمدينة الورد.
لا شك أن تلك المهمة كانت شديدة الصعوبة على البنائين. فمن أجل تشييد مبان بهذه العظمة، كان عليهم أن يتمتعوا بمهارات استثنائية. وقد نجح هؤلاء البناؤون في تشييد مدينة وقفت على قدم المساواة مع المدن اليونانية والرومانية.
يعتقد علماء الآثار أن البنائين اضطروا لإنشاء عتبات عملاقة حتى يتمكنوا من تشييد هذا المبنى بشكل آمن. فلم تكن هناك أشجار مجاورة يمكن استخدامها لبناء السقالات. يعتقد العلماء أن التشييد بدأ من الأعلى: فقد وقف العمال بطريقة ما على الصخور، وتحركوا للأسفل تدريجياً. وقد أنجزوا أعمالا مدهشة باستخدام المطارق والأزاميل.
هل حمت الصخور المدينة من الأعداء؟
كان سكان المناطق الأخرى يطمعون في كنوز البتراء، وكان على سكان المدينة أن يحموا أنفسهم من هجمات اليونان خاصة. كسبت البتراء المعركة، ولكن عندما وصل الغزاة الرومان، اضطرت المدينة للاستسلام. عاشت المدينة في رخاء لسنوات عديدة بعدها، ولكنها ما لبثت أن انهارت تحت حكم الإمبراطورية الرومانية.
في القرن الرابع، دمر أحد الزلازل معظم مدينة البتراء وقرر الرومان مغادرتها. وفي زمن لاحق، غزا البيزنطيون المدينة وسيطروا عليها.
لماذا تعتبر البتراء مدينة مفقودة وأين ذهب سكانها؟
مع التطور التكنولوجي، بدأت التجارة البحرية في الازدهار وفقدت البتراء أهميتها الاستراتيجية. في ذلك الوقت كانت المدينة مهملة وغارقة تحت رمال الصحراء، وبهذه الطريقة أصبحت مدينة مفقودة.
ولكن البتراء لم تفقد إلا عندما سقطت في يد القادمين من الحضارات الغربية، فقد كان سكانها الأصليون يعرفون قيمتها جيداً. عاشت قبائل البدو (البدول) في كهوف المدينة، وقالوا عن أنفسهم إنهم أحفاد الأنباط ولم يرغبوا في أن يعرف الآخرون عن البتراء، لأنهم قلقوا من أن يغزوها الباحثون عن الكنوز ويدمروا ما تبقى منها. ولهذا السبب أبقوا على موقع المدينة سراً لسنوات عديدة.
كيف اكتشف الأوروبيون سر البتراء؟
اكتشف سر البتراء في 12 أغسطس من عام 1812. فقد سمع رجل سويسري شاب يدعى جوهان لودويغ بورخارت عن أسطورة المدينة الغامضة، عندما كان في رحلة إلى القاهرة. وحتى حينها، اضطر إلى التنكر في شكل رجل عربي أثناء رحلته، وكذَب على مرشده قائلاً أنه يرغب في تقديم قربان عند المقبرة، لكي يتمكن من دخول المدينة مباشرةً.
استخدم جوهان اسماً مستعاراً هو الشيخ إبراهيم بن عبد الله، ولم يتمكن من قضاء وقت طويل في البتراء، لأنه ليس من سكانها، بل ولم يستطع جوهان أن يقول إن هذه هي المدينة التي كان يبحث عنها، لأنه لم يكن هناك دليل على ذلك، ولكن كان ذلك ما لفت نظر الأوروبيين إلى البتراء، وسار باحثون آخرون على خطى جوهان. نجحوا في عمل الكثير من الرسومات، ولكن أول بحث أثري هناك لم يبدأ قبل عام 1929.
لماذا كانت هناك خزنة بالمدينة؟
لا يعرف علماء الآثار على وجه التحديد السبب الذي دفع سكان البتراء لتشييد الخزنة. يعتقد بعض الباحثين أنها كانت مقبرة لأحد ملوك الأنباط، ويعتقد آخرون أنها بنيت من أجل الاحتفاظ بالمستندات، أو ربما لاستخدامها كنوع من أنواع المعابد. كل ما نعرفه هو أن الخزنة قد شيدت في زمن لاحق، عندما كانت المدينة مبنية وثرية بالفعل.
كيف عاش الناس في الصحراء وبين الصخور بدون ماء؟
كان سكان البتراء خبراء فيما يتعلق بتقنيات استخراج المياه. فقد بنوا صهاريج، وسدوداً وأنفاقاً وخزانات، وكانت المدينة بمثابة واحة للمسافرين المتعبين. وقد مكنت تلك التقنيات المدهشة سكان البتراء من البقاء فيها، حتى أثناء أزمان الجفاف.
كانت المياه موجودة بوفرة في أوقات معينة، لذلك بنى السكان سدوداً وقنوات غيرت اتجاه مياه الأمطار إلى المدينة، حتى يعيش الناس في رخاء.
كيف عاش السكان بين الصخور؟ وهل عاشوا داخل المباني؟
كانت البتراء مركزاً دينياً كبيراً، وكانت على الأرجح موقعاً لتجمع رجال الدين، والنحاتين، والتجار، وغيرهم. يوجد في البتراء ما يزيد على 1000 مقبرة، الكثير منها لعائلات، بل ولقبائل بأسرها. وقد عمل الكثير من السكان على الأرجح في أعمال الجنائز.
من الصعب الإجابة على السؤال المتعلق بما إذا كان سكان البتراء جميعهم، والبالغ عددهم نحو 20.000 (أو ربما حتى 30.000)، يعيشون داخل البتراء. فمن المرجح بشدة أن بعض السكان كانوا يعيشون في خيام خارج الأسوار.
من هم المدفونون في مقابر البتراء؟
ليس لدى الباحثين أي معلومات حول هذا الأمر. مما لا شك فيه هو أن المقابر قد بنيت في حقب تاريخية مختلفة، لأنها تبدو مختلفة كثيراً من حيث الشكل. لم يترك سكان البتراء أي نقوش أو شواهد على المقابر لتساعدنا على معرفة هوية المدفونين فيها. اعتقدوا أن الأموات يستطيعون تناول الطعام وقضاء الوقت في العالم الآخر، لأنهم كانوا يتركون الطعام والكثير من الأغراض المختلفة مع الجثث.
ومما يثير الاهتمام أنه في بداية اكتشاف البتراء كان العلماء يعتقدون أنها مجرد مدينة كبيرة لدفن الموتى، بسبب أعداد المقابر الضخمة، لكنهم اكتشفوا لاحقاً أنها كانت مدينة متطورة وعامرة بالسكان.
ماذا يوجد في البتراء بخلاف البوابة الجميلة في جميع الصور؟
أحد أكثر المباني المدهشة في مدينة البتراء هو المدرج. ويقع في منتصف المدينة بالضبط تقريباً ويتسع لما يصل إلى 8500 شخصاً. ومن بين الآثار الرائعة الأخرى هناك شارع الواجهات الذي يحتوي على الكثير من المقابر، والدير الذي يعد مبنى أثرياً لا يزال الغرض من بنائه مجهولاً.
في عام 1985، وضعت مدينة البتراء على قائمة اليونسكو، وفي عام 2007، أصبحت إحدى عجائب الدنيا السبع. حالياً، يعيش البدو في مساكن خاصة بنيت لهم لا تبعد كثيراً عن المدينة ويشتغلون بشكل أساسي في مجال السياحة.
هناك مكعبات حجرية ضخمة خارج أسوار البتراء. ما هو الهدف منها؟
تظل الكثير من الأشياء في البتراء لغزاً. على سبيل المثال، هناك صخور عملاقة على شكل مكعبات منتشرة خارج أسوار المدينة. لا يعرف أحد سبب وجود هذه الأحجار وما هو الهدف منها. هناك أسطورة تقول إن هذه الأحجار يعيش بها سكان من الجان، لحماية العاصمة القديمة.
هل سنتمكن في يوم ما من حل جميع ألغاز مدينة البتراء؟
ما يزال العلماء يكتشفون أشياءً جديدة في مدينة البتراء. في عام 2016، عثر علماء الآثار على بناء ضخم غير معروف كان له على الأرجح وظيفة شعائرية. ولا يزال الخبراء يحاولون فهم طبيعته بشكل دقيق. في عام 1993، عثر على مخطوطات تعود إلى الحقبة البيزنطية، ولا تزال المعلومات الموجودة في هذه المخطوطات سراً كبيراً.
يعتقد علماء الآثار أننا لم نكتشف حتى الآن سوى 15% من المدينة، بينما يوجد 85% منها مدفون تحت الأرض ولم يكتشف بعد، لذلك فلا يزال أمامنا الكثير لنعرفه عن هذا الكنز المفقود.
منطقة الشرق الأوسط ليست من المناطق السياحية الشهيرة في العالم، ورغم ذلك ففي عام 2019، زار أكثر من مليون شخص مدينة البتراء. فهي أحد أكثر المواقع الأثرية زيارةً في العالم. صور فيلم Indiana Jones & The Last Crusade هناك، كما تتم هناك الكثير من جلسات التصوير المميزة، ويسافر الناس من جميع أنحاء العالم بانتظام لرؤية هذا المكان المدهش.
في بعض الأحيان، يسمح للسياح بدخول البتراء ليلاً، ويزين الممر إلى المدخل بالفوانيس والشموع.
إذا لم تستطع زيارة مدينة البتراء الأثرية في الوقت الحالي، فيمكنك على الأقل استخدام خدمة Google للتجول الافتراضي مع المرشد الصوتي.
هل تود الذهاب إلى مدينة البتراء؟ هل ذهبت إلى هناك بالفعل ولديك ما تخبرنا به حول الانطباع الذي تركته هذه المدينة الرائعة في نفسك؟