الإيجابية ليست دائماً الحلّ الأمثل لتجاوز الأزمات وهذه هي الأسباب
يعرّف الطبيب النفسي “فيكتور فرانكل” التفاؤل المأساوي على أنه تقبل الحياة رغم تبعاتها من الخسارة أو الألم أو الندم.
وفي حين أن الإيجابية السامة تشدد على ضرورة الحفاظ على عقلية إيجابية، يشجع التفاؤل المأساوي على تجرّع المشاعر السلبية والمريرة التي تلي الصعاب لتدبّر معانيها واستخلاص الأمل والعبر.
نعتقد في الجانب المُشرق أن الإيجابية أمر بالغ الأهمية، لكنها ليست على الدوام الحلّ المثالي للتغلب على الصعاب. وفي هذه المقالة، سنتناول مختلف الأسباب وراء ذلك.
لأنها تجعلنا نتجاهل الأضرار الواقعية للأزمات
الحفاظ على الإيجابية في حالات الطوارئ قد يكون في بعض الحالات مضراً لنا. فمثلاً، الأشخاص المتورطون في علاقات مؤذية قد يستهينون بخطورة الاعتداء ويختارون التشبث بشركائهم. قد تراهم في قمة التفائل، يتأملون أن يتبدل حال المعتدي إلى الصلاح، فيسامحون ويغفرون، وينتهي بهم الأمر بتقبل العلاقات السامة.
لأنها تدفعنا لإنكار مشاعرنا الحقيقية
حينما نجبر أنفسنا على مضض على النظر إلى الجانب المشرق للأشياء، فنحن نلغي المشاعر السلبية، التي قد تكون أشد طغياناً. يمكن أن تنفجر هذه المشاعر في أي لحظة، لا سيما عند التعامل مع مأساة أخرى. قد نشعر بالحرج أو الذنب بسبب هذه المشاعر المريرة. وبالحفاظ على الإيجابية، يقل احتمال طلبنا للمساعدة لاعتقادنا بأننا على ما يرام ولا نحتاج معونة من أحد.
لأنها تعيق نضوجنا إثر الأزمات
إن اتخاذ عبارة “الأفكار الإيجابية فقط” شعاراً لنا في الحياة سيقضي على قدرتنا الفعلية على مواجهة الصعاب التي قد تعترضنا في المستقبل. تجنب المشاعر السلبية قادر على سلب معانيها القيمة منا. لنفترض مثلًا أن سيدة ما فقدت شخصاً عزيزاً، إن حاولت تفادي الحداد، قد تظل في مرحلة النكران تأملاً في عودته إلى الحياة، وبالتالي لن تتمكن من تدبّر مراسيم الجنازة أو المضي في حياتها بعد رحيله.
لأن التفاؤل وحده ليس كافياً
ومع ذلك، فإن التفاؤل أمر في غاية الأهمية، لكن لا يجب أن يكون الشيء الوحيد الذي نلجأ إليه في غمار الصعاب. ينبغي أن نشعر بالألم، إذ لا يمكننا تغيير الأقدار بتجاهل معاناتنا. مشاعر الندم مشاعر طبيعية وبشرية صرفة، ولا يجب أن نتحرج منها، لكن يمكننا بفضلها اغتنام فرصة تغيير أنفسنا إلى الأفضل. حينما نواجه الخسارة أو فقدان عزيز، لا بد لنا من الحزن والحداد لنتعلم من تجاربنا ونمضي قدماً في حياتنا.
لأن دلالات التجارب الصعبة تمدّنا بالأمل
رغم ما تلقيه الحياة في طريقنا، إن تمكنّا من تدبّر المعاني في الأزمات، سنمضي قدماً في الحياة، وبالتالي سنجد عاجلاً أم آجلاً منبع السعادة الذي لا ينضب. يتيح لنا الأمل فرصة تحقيق التوازن بين عيش معاناتنا الحالية واستخراج مكامن الدلالات.
هذا هو جوهر "التفاؤل المأساوي"، الذي قد يكون الترياق الأمثل لـ"لإيجابية السامة".
كيف تتعامل مع المشاكل؟ هل تركز على جانبها الإيجابي أم السلبي، أم أنك تسعى إلى تدبرها من الناحيتين على قدم المساواة؟