الجانب المُشرق
الجانب المُشرق

إذا كنت عاجزاً عن الوقوع في الحب، فربما تعاني من حالة الاعتمادية المضادة

لقد تبين أن 20٪ من العزاب لم يسبق لهم الوقوع في الحب. قد لا يبدو لك هذا رقماً كبيراً، ولكنه يعني من الناحية الإحصائية أنك إذا كنت تعرف 5 أشخاص عازبين، فمن المرجح أن واحداً منهم ينتمي إلى هذه الفئة التي يرى أصحابها أنهم “لا يحتاجون إلى الرومانسية”. ولكن هذا المنطق قد لا يكون مجرد فكرة فلسفية، ويكون نابعاً في الواقع من مشاكل أعمق بكثير من مجرد عدم لقاء المرء بتوأم روحه.

سيسلط الجانب المشرق الضوء على حالة منتشرة جداً، رغم أنها غير معروفة بين الناس، تمنع الكثيرين من الوقوع في الحب والارتباط.

لماذا لا يستطيع بعض الناس الوقوع في الحب؟

يعدد علماء النفس أسباباً مختلفة لذلك. على سبيل المثال، قد تكون لديك حالة من تدني احترام الذات، فلا تصدق أن شخصاً ما يمكنه أن يحبك من الأساس، ويمنعك هذا الإحساس أيضاً من إبداء الحب لشخص آخر.

كما أنالكمال” قد يكون سبباً آخر لهذه المشكلة، حين تتشكل لديك صورة مثالية في رأسك عمّا يجب أن يبدو عليه شريك حياتك، فلا تمنح أيّ شخص فرصة لأنه لا يناسب تلك الصورة. وهكذا تمنعك توقعاتك العالية من الوقوع في حب أولئك الذين “ليسوا مناسبين بما يكفي”.

ولكن هناك شيئاً آخر قد تعاني منه دون أن تدرك ذلك. من الوارد أن يكون لديك تخوّف من الارتباط العاطفي، أو ما يشار إليه غالباً بوصف: الاعتمادية المضادة ـ counter-dependency أو رفض التعلق.

بعض علامات الاعتمادية المضادة تتجلى في:

ـ مواجهة صعوبة في التقرّب من الناس

ـ إبعاد من يحاولون الاقتراب منك أكثر من اللازم

ـ القلق والتهرب من الارتباط العاطفي

ـ الخوف المستمر من ارتكاب خطأ ما

ـ السعي المتواصل لأن تكون مثالياً

ـ الامتناع عن طلب المساعدة من الآخرين

ـ الانشغال الذي يحرمك القيام بأي شيء

الأشخاص الذين يعانون من هذه الحالة هم عموماً الذين يتهربون من الارتباط العاطفي

معظم هؤلاء منغلقون جداً: فهم يحتاجون إلى مساحة شخصية كبيرة ولا يحبون أن يقتحمها الآخرون، لأنهم يخشون إظهار أي علامات للحساسية أو الضعف. ولكنهم مع ذلك، عادة ما يبدون في الخارج كأشخاص “طبيعيين”. تراهم واثقين من أنفسهم، وناجحين ومستقلين، ويحاولون جاهدين أن يحافظوا على هذه الصورة عند الناس. كما أنهم يميلون إلى التعبير عن عدم حاجتهم إلى أي شخص، على الرغم من أن هذا ليس صحيحاً تماماً. في دواخل أنفسهم، يكونون غير آمنين ولا مكتفين بأنفسهم، كما أنهم غير ناجحين في علاقاتهم.

لم يتعلموا أبداً كيفية مشاركة المشاعر والعلاقات

مثل معظم المشاكل النفسية، تعود بوادر هذه الحالة العاطفية إلى الطفولة. غالباً ما يكون الشخص قد كشف عن نقاط ضعفه في الماضي، ولكن تم تجاهله أو حتى السخرية منه. ونتيجة لذلك، يتعلم الطفل أنه يجب أن يظهر دائماً بمظهر القوي المستقل. والسبب الأكثر شيوعاً لسلوك الاعتمادية المضادة، هو فقدان الارتباط العاطفي بوالديّ الفرد أو إساءة معاملته (جسدياً أو عاطفياً).

ونتيجة لذلك، يتعلم الأطفال ربط التقرّب من الآخرين بالرفض والألم. إن صدماتهم علمتهم أنه ليس من الآمن الوثوق بأي شخص. وهكذا كبروا وهم يخشون الاقتراب من الناس والانفتاح عليهم. ولأن العلاقات الرومانسية تدور حول الارتباط العاطفي، فإن هؤلاء يفعلون أي شيء لتجنبه، عن طريق منع أنفسهم من الوقوع في الحب وإبعاد الأشخاص الذين يحاولون التقرّب منهم أكثر من اللازم.

لكن من الممكن أن يتغير كل شيء

يشعر بعض الناس بالرضا على أنفسهم، فلا يحتاجون إلى التغيير ولا التفكير بالعلاقات الإنسانية، وإنما يقررون التركيز على حياتهم المهنية أو جوانب أخرى تثير اهتمامهم. ومقابل ذلك، هناك أشخاص آخرون يبحثون عن علاقات ارتباط حقيقية وثيقة، ولكن لا يمكنهم فعل أي شيء حيال حالة “رفض التعلق” التي يعانون منها. إليك بعض الحلول التي يمكن أن تساعدك في التغلب على هذه المشكلة:

ـ تعلم المزيد عن نفسك: اقرأ الكتب ومقالات علم النفس، واطرح الأسئلة، وفكر في ذكرياتك ومشاعرك. الخطوة الأولى هي فهم المشكلة وقبولها. وبعد ذلك يمكنك العمل على إصلاحها.

ـ انضم إلى مجموعة مكاشفة ودعم: يمكنك محاولة التغلب على هذه المشكلة بنفسك، عن طريق التحدث عن مشاعرك والانفتاح على الآخرين. وسيكون من الأسهل القيام بذلك بين أشخاص لديهم مشاكل مماثلة. كما قد ترغب أيضاً في حضور فصل دراسي يمكن أن يساعدك على تعلم كيف تكون أكثر ثقة بنفسك وكيف تتحدى حدود التعامل مع الناس.

ـ اطلب المساعدة من المتخصصين: إذا وجدت صعوبة في إصلاح الوضع بنفسك، يمكنك العمل مع أخصائي علاج نفسي. أخبره عن مشكلتك وسيساعدك على التعمق في جوهرها، لتجاوز المشاعر التي تقمع بداخلك، وتجريب الانفتاح.

هل يمكنك التحدث أمام الآخرين بصراحة عن مشاعرك؟ شاركنا أفكارك في قسم التعليقات أدناه.

الجانب المُشرق/العلاقات/إذا كنت عاجزاً عن الوقوع في الحب، فربما تعاني من حالة الاعتمادية المضادة
شارك هذا المقال